خـيـمــة ألإِجـتـمـاع

(عد 23- 23): ..... فإذا حان الوقت يقال ليعقوبَ ولاسرائيل ما فعل الله.

في صحراء سيناء أعطى الربُ الاله شعبه ناموس الوصايا العشرة, وأحكام الشريعة وأحكام ذبائح الخطيئة والسلامة. وعملوا مقدساََ للرب ليسكن الله فيما بينهم, كما أمر الربُ موسى قائلاََ:

أن خيمة الاجتماع طباقاََ من فوق الى الداخل في قدس الاقداس, أو من الخارج الى الداخل تمثل مراحل الخروج من وقت سقوط آدم وبداية الخلق الى مرحلة الناموس والخلاص بالوصايا والذبائح الرمزية الى مرحلة الفداء, فداء إبن الله للبشر كافة ثُم دخولهم أخيراََ وإجتماعهم بالله خالقهم بعد أن يكونوا قد أوفوا بمستلزمات العدل الالهي ونالوا رضا الخالق ورضوانه. وخيمة الاجتماع كانت رمزاََ لهيكل الله وتابوت عهده الذي في السماء. وكما رآه موسى على الجبل.  

ولكي نبدأ بتفسير معانِ أجزاء الخيمةِ والمواد التي دخلت في صنعها والالوان التي طُلِبت لعملها والاشياء التي طلب الربُ صُنعَهَا وما معانيها ورموزها نقول:

النحاس: ويدل على الدينونة المترتبة على الخطيئةِ والسقوطِ.

الفضة: وتدل على الفداء وقد ورد ذلك في الخروج (30 - 13): .... فليعطِ كلُ رجلِِ فِدى نفسهِ للرب..... نصف مثقال بمثقال القدسِ .... تقدمةََ للربِ..... (15) الموسرُ لا يُزيدُ والفقيرُ لا يُنقِصُ عن نصف مثقالِِ حين تؤدون تقدمة للربِ تكفيراََ عن أنفسِكُم.

الذهب: ويدل على كمال اللاهوت والبر الالهي.

الخشب: كان حياََ ولكنهُ مات وقد إنقطعَ عن سُبل الحياةِ, واصبح خاضعاََ للتلفِ والفناءِ كالبشرِ تماماََ الذين ماتوا بالخطيئةِ فإنقطعوا عن سُبل الحياةِ والخلود وإستحقوا الموتَ الجسدي والروحي الابدي وهنا نُذَكِر بكلام السيد المسيح يوحنا (6 - 53): ... الحق الحق أقولُ لكم إن لم تاكلوا جسدَ إبن البشرِ وتشربوا دمهُ فلا حياة لكم في ذاتكم.

شعر المعزى: وهو عادةََ ذات لونِِ أسود, ويرمز الى الحزن والندم على فقدانِ شيءِِ غالِِ على النفس. وشعر المعزى هو شَعرُ الذبائح التي تُقَدَم عن الخطايا كما ورد في الناموس وهو هنا يرمز الى الذبائح المقدمة حسب الناموس.

جلود كباش محمرة: وهي ترمز الى الذبائح التي قُدِمت من قبل بني البشر قبل الناموس بدأََ بذبيحة هابيل والى وقت إعطاء الوصايا لموسى. أي الذبائح التي ترمز الى ذبيحة الفداء.

جلود التخس: ولونها أزرق غامق وهي جلود الدلافين وهي ترمز الى مراحل الخلق الاولى قبل خلقِ الانسان وسقوطهِ

البوص المبروم (اي الكتان): أبيضَ اللون, وهو قماش خاص يستعمل لعمل ملابس الكهنة وكانت ملابس هارون مصنوعة من الكتان. وهو هنا يرمز الى الكهنوت.

الكروب: وهو يرمز الى الملائكة التي كلفها الله سبحانه لحماية العرش السماوي وأيضاََ طريق شجرةِ الحياةِ. كما في
التكوين (3 - 24)
: فطرد آدم وأقامَ شرقِي جنةِ عدنِِ الكروبينَ وبريق سيفِِ متقلبِِ لحراسةِ طريقِ شجرةِ الحياةِ.

الدم: وهو يرمز الى الروح كما ورد ذلك في: الاحبار (17 -11): لأن نفسَ الجسدِ هي في الدمِ ولذلكَ جعلتهُ لكم على المذبح ليُكفرَ بهِ عن نفوسكم لأن الدم يُكفر عن النفسِ.

الملح: وهو يرمز الى المؤمنين وقد قال المسيح في: متى (5 - 13): أنتم ملحُ الارضِ فإن فسد الملح فبماذا يُملح.

زيت الزيتون: وهو الزيت الذي يُمسَحُ بهِ أنبياء الرب وملوك بني إسرائيل. ويرمز الى المسحةِ أي للروح القدس.

البخور: ويرمز الى صلوات القديسين كما نرى ذلك في الرؤيا (8 - 3): وجاء ملاكُُ آخر ووقف عند المذبح ومعهُ مجمرةُُ من ذهبِِ فأُعطي بخوراََ كثيراََ ليُقدمَ صلوات القديسين كلهم على مذبحِ البخور من صلوات القديسين من يد الملاك أمام اللهِ.

النور: وهو ينير الطريق في الظلمات ويرمز الى المؤمنين وقد قال الرب للمؤمنين في:

متى (5 - 14): أنتُم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبلِِ (15) ولا يوقدُ سِراجُُ ويوضع تحت المكيالِ لكن على المنارة ليُنير على كل من في البيت (16) هكذا فليُضيء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويُمجدوا أباكم الذي في السماءِ.

الخبز: الخبز الغير مختمر يرمز الى جسدِ المسيح ونرى ذلك في:

يوحنا (6 - 48): أنا خُبزُ الحياةِ (49) آباؤكم أكلوا المن في البريةِ وماتوا (50) هذا هو الخبز النازل من السماءِ لكي لا يموت من يأكل منهُ (51) أنا الخبز الحي الذي نزلَ من السماءِ (52) إن أكل أحدُُ من هذا الخبز يحيا الى الابد والخبز الذي سأُعطيه أنا هو جسدي لحياةِ العالمِ.

الألوان:

الاسمنجوني: أو اللون السماوي أي من السماء.

الارجوان: والارجوان هو لون ملابس الملوك ويدل هنا على المسيح الملك.

القرمز: وهو لونُُ أحمر غامق ويرمز الى الدمِ.

والان نذهب لنفسر الرموز الخاصة بالأشياء التي طلب الربُ من موسى عملها: أن إصنع على المثال الذي أنتَ مرآهُ في الجبل. ونحاول أن نفهم لماذا طلب الرب وضعها في الاماكن المختلفة من الخيمةِ وما مغزى ذلك.

(1) تابـوت العـهـد

الخروج (25 - 8): فيصنعون لي مقدساََ فأسكنُ فيما بينهم (9) بحسبِ جميع ما أنا مريكَ من شكل المسكن وشكل جميع آنيتهِ كذلكَ فاصنعوا (10) يعملون تابوتا من خشبِ السنط يكون طوله ذراعين ونصفاََ وعرضهُ ذراعا ونصفا وسمكه ذراعا ونصفاََ
(11) وغشه بذهب خالص من داخل ومن خارج تُغشيه وأصنع عليه إكليلاََ من ذهب محيطاََ به (12) ...... ...(16) واجعل في التابوت الشهادة التي أُعطيكها (17) واصنع غطاء من ذهبِِ خالص يكون طوله ذراعين ونصفاََ في عرضِ ذراعِِ ونصفِِ (18) وإصنع كروبين من ذهب صنعة طرقِِ تصنعهما على طرفي الغطاء (19) تصنع كروبا على هذا الطرفِ وكروبا على ذاك الطرف من الغطاء تصنعُ الكروبين على طرفيهِ (20) ويكون الكروبان باسطين أجنحتهما الى فوقُ مظللين باجنحتهما على الغطاء وأوجههما الواحد الى الاخر والى الغطاء تكون أوجههما (21) وتجعل الغطاء على التابوت من فوق وفي التابوت تضع الشهادة التي أعطيكها. ......

(1) تابوت العهـد: وهو مصنوع من خشبِ السنطِ, أي إنه قد إنقطَعَ عن سبلِ الحياةِ فمات وأخذ في الفناءِ ولكنهُ يُغَشى بالذهبِ ليبقى مدى الدهرِ, أي يُعطى الحياةَ الابدية بالبرِ الالهي الذي غطاهُ. ونلاحظ ان الغطاء من ذهبِِ خالص (ليس فيه أي خشب) أي إن الله هو الرأس والاساس لقبول المائت الذي فيهِ والمائت الذي فيهِ هو نحن المؤمنين الذين قبلنا فداء إبن الله فَسَبَقَنَا وهو بَرِيْ من كل دنسِِ وأخذ مكاننا فيهِ. أي فدانا ونابَ عنا في أخذِ القصاص العادل الذي نستحقهُ وبهذا الفداء أيضاََ أَحيَانَا وأعطانا الحياة الابدية التي فيهِ هو. أي شملنا بحياتهِ الابدية فشَارَكَنَا بحَياتِهِ بعدَ أَن كُنا قد مُتنَا وأصبحنا عبيداََ لإبليس. وكان للتابوت إكليلاََ من ذهبِِ محيطاََ بهِ أي إنه مكان لملك أي للمسيح الملك الفادي. وكان للتابوت عتلتين من خشب السنطِ مغشيةََ بالذهبِ وموضوعة في حلقاتِِ ذهبية إربع. إثنين على كلِ طرفِِ. ولم يُسمَح أن ترفع العتلتان من جانبي التابوت حيثُ يقول الرب: وتبقى العتلتان في الحلقِ لا تَزولانِ منها. ولم يقُم بَِنزعِهَِما إلا سليمان الملك عندما أدخَلَ التابوتَ في الهيكل الذي بناهُ.

وكان في داخل التابوتِ ثلاثَةُ أشياء وهي: أولاََ: لوحا الشهادةِ.  ثانياَ: قِسطُُ من ذهبِِ وفيه المن. وثالثاََ: عصا هرون التي أفرخت. وكان على طرفي الغطاء كروبين أي ملاكين أحدهما على هذا الطرف والآخر على ذاك الطرف, أي على جانبي التابوت. وكان الملاكَين باسطينِ أجنحتهما الى فوق مُظللين بأجنحتهما على الغطاء وأوجههما الواحد الى الآخر والى الغطاء تكون أوجههما, أي إن الملاكَين كانا على طرفي الغطاء وأوجههما منحنيةََ الى تحت بإتجاهِ التابوت وهم يظللون بأجنحتهما على ما في التابوت بكل خشوعِِ وحنانِِ.

ونلاحظ في: لاويين (16 - 11): ويُقَرِب هرون عِجلَ الخطاءِ الذي لهُ ويُكفِرُ عن نفسهِ وعن بيتهِ ويذبحَ عِجلَ الخطاءِ الذي لهُ. ..... (14) ثُم ياخذُ من دمِ العجلِ فينضَحُ بإصبعهِ على وجهِ الغطاءِ شرقاََ وينضحُ من الدمِ أمامَ الغطاءِ سبعَ مراتِِ بإصبعهِ.

هل وقفَ أحدُُ وتسأل لماذا طلبَ الربُ التابوت, فالتابوت للموتى وليسَ مكاناََ لأن يتجلى فوقهُ اللهُ جلَ جلالهُ, فقد كان الاجمل لو طلبَ الربُ كُرسياََ مُذَهََباََ أو عرشاََ ملوكياََ ذهبياََ والملائكة تحرسهُ من كل نحوِِ وصوبِِ.

فنرى إن الربَ طلبَ تابوتاََ بهِ خَلَصَنَا ودخلَ الملكُ عوضاََ عنا فيهِ وفدانا. فبدلَ أن يطلبَ المجدَ والكرامة لنفسهِ طلبَ الموتَ وقَبِلَ الهوانَ على نفسهِ لأجلِ خلاصنا. فهل هناك محبةََ أكبرَ من هذهِ.

هنا نعودُ قليلاََ الى الوراء لنتذكر الاحداثَ التي مرت سابقاََ وماذا قالَ اللهُ ليعقوبَ فنعودُ الى:

التكوين (46 - 2): فكلم اللهُ إسرائيلَ ليلاََ في الحُلمِ وقال يعقوبُ يعقوبُ قالَ هاءَنذا. (3) قالَ اللهُ أنا إلهُ أبيكَ لا تخَف أن تهبِطَ مِصرَ فإني سأجعلُكَ ثَمَ أُمةِِ عظيمةََ. (4) أنا أهبِطُ معكَ الى مِصرَ وأنا أُصعِدكَ ويوسفُ هو يُغمِضُ عينيكَ.

ولما كانت مصرَ تُمَثِلُ دار العبودية الارضيةِ لبني إسرائيل, وهي رمزُ عبوديةِ الخطيئةِ فنرى في قولِ الربِِ أمراََ محيراََ. هل يقبل الربُ أن يكون معنا في عبوديتنا في دارِ العبوديةِ واللعنةِ التي نحنُ فيها ؟؟ وإن قَبِلَ فلماذا ذلك؟؟

ولكي نفهم لماذا قَبِلَ الربُ ذلكّ وماذا فعلَ نذهبُ الى:

غلاطية (4 - 4): فلما بلَغَ مِلءُ الزمانِ أرسلَ اللهُ إبنهُ مولوداََ من إمرأةِِ مولوداََ تحت الناموسِ (5) ليفتدي الذين تحت الناموسِ لننالُ التبني.

وفي: كولسي (1 - 12): وشاكرين للابِ الذي أهلنا للشركةِ في إرثِ القديسينَ في النورِ (13) الذي أنقذنا من سلطانِ الظلمةِ ونقلنا الى ملكوتِ إبنِ محبتِهِ (14) الذي لنا فيهِ الفداءُ بدمهِ مغفِرةِ الخطأيا (15) الذي هو صورةُ اللهِ الغيرِ المنظورِ وبكرُ كل خلقِِ. ...... (19) لأنهُ فيهِ رضي الابُ أن يَحُلَ الملءُ كلهُ (20) وأن يُصالحَ بهِ الجميعَ لنفسِهِ مسالماََ بدمِ صليبهِ ما على الارضِ وما في السماواتِ.

فلقد أرسلَ الله إبنهُ فولِدَ من عذراءِِ تحت الناموسِ (العبودية والدينونةِ) وبما أنهُ ولدّ تحت الناموسِ صارَ تحت اللعنةِ والموتِ. ولهذا أُختير التابوت هنا للدلالةِ الى موتِ الفادي الذي شاركنا إنسانيتنا وأخذ جسداََ مثلنا فهبطِ الى عبوديتنا. (أي الى مصرَ) وماتَ عنا على الصليبِ وفدانا. وبِما أنَهُ إلهُُ قامَ من الموتِ منتصراََ وشاركنا في حياتِهِ الابديةِ وبهذا أخرجنا من دارِ العبوديةِ التي لإبليس والخطيئةِ. لفرطِ محَبَتِهِ لنا.

والان نسال: ما هو سببُ وجودِ الملاكان الكروبان على طرفي التابوت؟؟ ولماذا يحنيان وأوجههما الى تحت بإتجاهِ التابوت؟؟ ولماذا يُقابل أوجههما الواحد الآخر؟؟ ولماذا يُظللان التابوت بأجنحتهما ؟؟

ولكي نفسر ذلك نذهبُ الى:

يوحنا (20 - 11): أما مريم فكانت واقفةََ عندَ القبرِ خارجاََ تبكي وفيما هي تبكي إنحنت الى القبرِ (12) فرأت ملاكين بثيابِِ بيضِِ جالسين حيثُ وضِعَ جَسَدُ يسوع أحدهما عند الرأسِ والآخر عندَ الرجلينِ (13) فقالا لها يا إمرأة لِمَ تبكينَ. ..... فلما إلتفتت الى خلفها فرأت يسوع واقفاََ. ..... .

اليس هذا نفس وصف الملاكان الكروبان على التابوت؟ نعم نعم هو نفسهُ. فهناك ملاكُُ عند الرأس أي الطرف. وهناك ملاكُُ عند الرجلين أي الطرف الآخر. والملاكان الكروبان يحنيان أرؤسهما الى تحت الى التابوت إجلالاََ لفداء المسيح الذي كان في القبرِ والذي فدانا بنفسِهِ لفرطِ محبتهِ لنا فخفض الكروبان أرؤسهما إجلالاََ لهذهِ المحبةِ التي تعدت كل وصف وكل حدودِِ فوقف الملائِكَةُ متحيريين وظللوا هذا الفادي بحنان بأجنحتهم معلنين أن ليس محبةََ أكثرُ من هذا. وهنا وقف إبليس مذهولاََ وإعترفَ بخسارته وقال: (5) ما الإنسان حتى تذكرهُ وإبنُ البشرِ حتى تفتقِدهُ (6) نقصتهُ عن الملائكةِ قليلاََ وكللتَهُ بألمجدِ والكرامةِ (7) سلطتهُ على أعمالِ يديكَ (8) وأخضعتَ كل شيءِِ تحتَ قدميهِ. (المزمور 8 - 4).

والان نسال: لماذا طلب الربُ أن تبقى العتلتان في الحلقِ (ملازمة التابوت) لا تُنزعُ منهما؟ مع العلم بان الرب لم يطلبَ أن لا تُنزع عتلتا المائدة ومذبح البخور ومذبح المحرقةِ, فلماذا هذا الطلبُ هنا ؟؟ وكيف سمحَ الرب لسليمان أن ينزع العتلتان عندما وضع التابوت في الهيكلِ الذي بناهُ؟؟ ولماذا وضِعَ أكليلاََ من ذهبِِ حول التابوت؟

ولكي نفهم ذلك نذهبُ الى:

يوحنا (19 - 2): وضفر العسكرُ إكليلاََ من شوكِِ ووضعوهُ على رأسهِ والبسوهُ ثوباََ من إرجوانِ (3) وكانوا يقبلونَ اليهِ ويقولونَ السلامُ يا ملكَ اليهودِ ويلطمونهُ. ......(17) فخرجَ وهو حاملُُ صليبهُ الى الموضع المسمى الجمجمةَ وبالعبرانيةِ يُسمى الجلجلةَ.

فهنا نقول إن الله طلبَ أن لا تُنزع العصوان أو العتلتان من التابوتِ وذلكَ لأن العتلتان مثلتا ضلعا الصليب الذي حملَ جسدَ ربنا يسوع المسيح, ولن يبطُلَ صليبُ المسيح ولن يُنزعَ من كلِ القلوبِ الا في أُورشليم السماويةِ في الهيكل الالهي. ولذا سمح الربُ لسليمانَ أن ينزعَ العصوانِ عن التابوت لأنهُ وضع التابوت في الهيكل الذي بناهُ هو لله والذي كانَ رمزاََ لهيكلِ الله في أُورشليم السماويةِ. فما دمنا في بريةِ هذا العالم كل فترةَ بقاءِ البشريةِ في الحياةِ الارضيةِ لن ينزعَ الصليبَ من قلوبِ المؤمنين وتذكاراََ ورمزاََ يبقى في كنائس الله السبعةِ لفداء الرب يسوع المسيح.

وخشبةِ الصليب الصماء أصبحت في بريتنا رمزاََ للحياةِ من الموتِ. وستبقى العلامةُ التي وضِعَت على صليبهِ شاهدةََ مدى الدهرِ أنهُ ملكَ الملوكِ وربُ الاربابِ. والاكليل الذي لبسهُ الملكُ كان شوكاََ ولكنهُ إنقَلَبَ وصارَ إكليلاََ من ذهبِِ يُحيطُ بهِ وأمامه سيسجُدَ كل بشر كبيراََ كانَ أو صغيراََ, وتحت قدميهِ سيوضَعُ كُلَ شيءِِ.

والان نسال: لماذا طلبَ الربُ أن يوضعَ لوحا الشهادةِ وقسطُ المنِ وعصا هرون التي أفرخت وأزهرت في التابوتِ؟؟

لوحا الشهادةِ: لم يفهم بني البشرِ واليهودِ بصورةِِ خاصة وتناسوا طوعياََ ولم يتسألوا لماذا طلبَ اللهُ من موسى أن يضعَ لوحا الشهادةِ في داخلِ التابوتِ فالتابوت للموتى ولوحا الشهادةِ أُعطيا لموسى وقيلَ عنهما: إن من عَمِلَ بهما أي بناموسِ الوصايا يحيا بهِ وينالَ الرضا الالهي ويبلغَ الى السماءِ. فما هذا الطلب الغريب بان يوضع ما هو للحياةِ في تابوت ميت؟

لقد كان الله سبحانهُ سَابِقَ العلم بان الوصيةِ التي أعطاها لآدم وحواء ستكون سبب فشلهما وموتهما وكان أيضاََ سابقَ العلم بما أعدهُ من خطةِِ لخلاصِهم وما سيتحملهُ من العذابِ والموتِ لفدائهم. ومع الاسرائليين كان اللهُ أيضاََ سابقَ العلمِ بأن ما هو للخلاصِ والحياةِ سيؤدي الى الفشل ثُم الممات أيضاََ. فآدم لم يكن يعرفَ الخير والشر فقبلَ الوصيةَ ثُم فشلَ وماتَ بها. ولم يكن قد أُعطي إلا وصيةََ واحدةََ سهلةََ جداََ وهي أن لا تأكل من شجرةِ معرفةِ الخيرِ والشرِ فإنكَ يومَ تأكلُ منها تموت موتاََ. مع العلم بأن الله سمحَ لهُ أن يأكلَ من جميع شجَرِ الجنة بما في ذلك شجرَة الحياةِ ولم يأكل منها بل ذهبَ الى الشجرةِ الممنوعة ومنها أكلَ وبها فشلَ وإستحقَ الموتَ. فهل كان هنالك أبسط من هذهِ الوصيةِ الواحدة.

وها هنا ألوف الاسرائليين وقد دخلت الخطيئةُ الاصلية في أجسادهم يقول الربُ لهم:

والان إن إمتثلتم أوامري وحفظتم عهدي فإنكم تكونون لي خاصةََ من جميع الشعوبِ لأن جميع الارضِ لي (6) وأنتم تكونونَ لي مملكةَ لاويين وشعباََ مقدساََ (كهنة)......(8) فأجابَ الشعبُ أجمع وقالوا كل ما تكلم الربُ بهِ نعملُ بحسبهِ. [خر (19 - 5)].

فقد أعلن الاسرائليون قبولهم العمل وفق عشرةِ وصايا وتناسوا الخطيئةِ التي سممت طباعهم وأجسادهم وإستسهلوا العمل بها. فما هو أبسط من هذهِ الوصايا الجميلة وهذا الناموس الملوكي والذي يؤدي الى خلاص من عملَ بهِ وبلوغِهِ الرضا والقبول الالهي ما أبسطَ هذا الناموس الذي يتلخص في وصيتين فقط, الاولى: أحبب الرب الهك من كلِ نفسِكَ وكل قلبِكَ. والثانية: أحبب قريبكَ كنفسكَ. نعم ما أجمل هاتين الوصيتين وما أسهل العملُ بهما. على الاقل هذا ما ضنهُ الاسرائليون.

ولكن الله كان سابق العلم بأنهم به سوف يفشلون ويموتون فالوصية التي هي للحياة كانت هي نفسها للموتِ وقد قال الرب: ليسَ فيكم صالحُُ ولا واحد. أي إن كل من يحاول الوصول الى الكمال والرضا الالهي بألأعمال سيموت بإحدى هاتين الوصيتين الملوكيتين اللتين وضِعتا لخَلاصِهِ. فمن أخطاْ بإحدى الوصأيا العشرة فقد أخل في الكلِ وإستحقَ الموت الابدي روحاََ وجسداََ.

ولما كانت الذبائح الحيوانية التي تغطي الخطيئةِ لا تملك الحياةَ الابدية فلم يكن بإستطاعتها أن تعطي خلاصاََ أبدياََ من الخطيئة بل كانت تسترها وتُغطيها موقتاََ وترمزُ فقط للذبيحةِ التي تستطيع أن تبقى وتستمر الى الابدِ أي الى ذبيحةِ فداءِ إبن الله. فالخطيئة التي أوقع آدم والبشرُ أنفسهم فيها تستوجِب تغطيةََ أبدية من قِبَلِ من كان له حياة أبدية وكان هو نفسهُ بلا خطيئة. لذا لم يكن هنالك حَلُُ آخر أمام الربِ ألا أن يكون هو نفسه الفادي والبديل. فبعد أن لبى وطبق الوصايا خلالَ حياتهِ على الارضِ أي عمل بالناموس كاملاََ قدمَ نفسَهُ فداءََ على الصليب لأجلِ الذين يُؤمنونَ بهِ ويقبلوا فدائَهُ. فالفداء ليس شاملاََ للكل. بل يشمل فقط من يقبلُ الفداءَ. ولهذا طلب الربُ أن يضع الخاطيء يدهُ على راسِ الذبيحة قبلَ ذبحها أي إنه يقبل أن تنوب عنهُ في أخذِ القصاص الذي إستحقهُ وهو قد قبلَ فدائها له.

ووجود لوحا الشهادةِ في التابوت دلالةََ قاطعةََ على أن الناموس يؤدي بكل العاملين فيهِ الى الموتِ بالرغمِ من صلاح الناموس الملوكي هذا. ولهذا أحنى الكروبان أوجههما الى التابوت إجلالاََ لهذا الناموس الملوكي وللذي عملَ به كاملاََ ثُمَ أخذ مكان البشرِ فيهِ ليُفديهم. فالعمل بالناموس مطلوب من كل البشر لكي يخلصوا, وبهِ فشلوا جميعاََ.

والان نسال من يُريد الخلاص بالوصايا العشرةِ وأعمال الناموس: هل تستطيع أن تحب قريبك كنفسك؟؟ هل تحِبَ أخاكَ أو إبنكَ كنفسكَ؟؟ وماذا عن عدوك؟؟ فهو إبن آدم مثلكَ وهو أيضاََ قريبكّ؟؟ فإن أجبتَ بصفاء الضمير تجد إن هذا غير ممكن بطبيعتكَ الحالية. فهل تقبل أن تموتَ بدل عدوك؟ فكيف تَطلُبَ الخلاصَ بالوصايا؟؟

قِسطُ الذهب الذي فيهِ المن: ولكي نفهم لماذا طلب الربُ أن يوضعَ قِسطَ الذهب الذي فيهِ المَنِ في التابوتِ نذهبُ الى:

الخروج (16 -14): ولما إرتفعَ سقيط الندى إذا على وجهِ البريةِ شيءُُ دقيقُُ مكتلُُ كألجليدِ على الارضِ (15) فلما رآهُ بني إسرائيل قالَ بعضُهُم لبعضِِ منهو لأنهم لم يعلموا ما هو.فقالَ لهم موسى هو الخبزُ الذي أعطاهُ لكم الربُ مأكلاََ (16) هذا هو الذي أمر الربُ بهِ التقطوا منهُ كُلُ واحدِِ على قَدرِ أكلِهِ عُمراََ لكلِ نفسِِ. على عدد نفوسكم تأخذون كُلُُ واحدِِ لمن في خيمتهِ.
(17) فصنع كذلكَ بنو إسرائيلَ والتقطوا فمنهُم من أكثر ومنهم من أقلَ. (18) ثُم كالوهُ بالعمرِ فألمكثِرُ لم يفضل لَهُ والمُقِلُ لم يَنقُص عنهُ فكان كل واحدِِ قد التقطَ على قدرِ أكلهِ. ...........(31) وسماهُ آل إسرائيلَ المَنَ وهو كبزرِ الكزبرةِ أبيضُ وطعمهُ كقطايفَ بالعسلِ (32) وقال موسى هذا الذي أمر الربُ بهِ مِلءُ العمرِ منهُ يكون محفوظاََ مدى أجيالكم لكي ينظروا الطعامَ الذي أطعَمَتُكُم في البريةِ حين أخرجتُكم من أرضِ مصرَ (33) وقالَ موسى لهرون خُذ قِسطاََ واحداََ وإجعل فيهِ مِلءَ العمرِ مناََ وضعها أمامَ الربِ محفوظةََ مدى أجيالكم. (34) فوضعها هرونُ أمامَ الشهادةِ محفوظةََ كما أمر الربُ موسى (35) وأكلَ بنو إسرائيلَ المنَ أربعين سنةََ .... الى حينَ وافوا حدودَ أرضِ كنعانَ.

المن هو الخبز النازل من السماءِ, ويكفي لكلِ نفسِِ عُمر واحد فقط , فألذي أخذَ أكثر عن حاجتهِ لا يَزيدُ عنهُ, والذي أخذ أقَلَ من حاجتهِ لا ينقُص عنهُ. هذا الخبز العجيب الذي إذا بات أي يوم آخر غير يوم السبتِ ينتن ويدبُ فيهِ الدودُ, خُبزُُ نازِلُُ من السماءِ يخضع خضوعاََ كاملاََ لكلمةِ الربِ. فقد كانَ غِذاءََ روحياََ وجسدياّّ لهم ولم ينتن في التابوت أبد الدهرِ فقد قال الرب: لن تدعَ قدوسك يرى فساداََ.

ولكي نفهم معنى ذلك نذهبُ الى:

يوحنا (6 - 47): الحق الحقَ أقولُ لكم من يؤمن بي فلهُ الحياةُ الابديةُ. (48) أنا خُبزُ الحياةِ (49) آباؤُكم أكلوا المن في البريةِ وماتوا (50) هذا هو الخبز النازل من السماءِ لكي لا يموتَ كلُ من يأكلُ منهُ (51) أنا الخبزُ الحي الذي نزلَ من السماءِ
(52) إن أكل أحدُُ من هذا الخبزِ يحيا الى الابدِ والخبز الذي سأُعطيهِ أنا هو جسدي لحياةِ العالم. ..... (54) فقال لهم يسوع الحق الحق أقولُ لكم إن لم تأكلوا جسدَ إبن البشرِ وتشربوا دمهُ فلا حياةَ لكُم في أنفسكُم (55) من ياكل جسدي ويشرب دمي فلهُ الحياة الابديةِ وأنا أُقيمُهُ في اليوم الاخيرِ (56) لأن جسدي هو مأكلُُ حقيقي ودمي هو مشربُُ حقيقيُُ (57) من ياكل جسدي ويشربُ دمي يثبت في وأنا فيهِ (58) كما أرسلني الابُ الحيُ وأنا أحيا بالآبِ فالذي يأكلني يحيا هو أيضاََ بي. (59) هذا هو الخبزُ الذي نزلَ من السماءِ ليسَ كالمن الذي أكلهُ آباؤُكم وماتوا. من يأكل هذا الخبزَ فإنهُ يعيشُ الى الابدِ.

نرى هنا إن المن الذي نزلَ من السماء لم يكن إلا رمزاََ للمسيح الذي نزل من السماءِ فألإسرائليون أكلوا المن في البريةِ ولكنهم ماتوا جميعاََ, لأَنهُ كان فقط الرمز وليس الاصل. والاصلُ هو جسدُ المسيح الذي يجِبُ أن يأكلهُ المؤمنُ ليحيا بهِ. ولكي يعلم الاسرائليون إن المن أشبع جوعهم وأدام لهم الحياة وقتياََ لكونهِ الرمز ولذا لم يستطع أن يُعطيهم الحياة الابدية التي هو يرمِزُ اليها. والحياة الابدية يمكن أن يحصل المؤمن عليها بأكلهِ جسد المسيح حتى يُشاركَهُ في حياتِهِ الابدية. وهذا تماماََ كالقول أن من وصل الى أُورشليم الارضية يصِلُ رمزياََ الى أورشليم السماوية وهو بالحقيقة والواقع لم يصل الا الى أُورشليم الارضية الفانية وإن كانت ترمز فعلياََ الى السماوية فمن أراد الجنة أي أُورشليم السماوية عليه أن يؤمن بإبن الله ويقبل فداءهُ ويأكل جسدهُ ليحيا بهِ. ولذا طلب الربُ أن يوضَعَ قسطُ المن في التابوت ليُذكِرَ بني يعقوب إن من أراد الحياة الابدية عليه أن يأكل جسدَ إبن الله ليحيا فيهِ. ومن أكثَرَ منهُ لا يحصل على حياةِِ أبدية أفضل, وألمُقِلُ في أكلهِ لا يحصل على حياةِِ أبديةِِ ناقصة. فليس هناك حياةُُ أبدية ناقصة أو حياةُُ أبدية زائدة. فالمسيح يهب جميع المؤمنين المشاركة في حياته الابدية ذاتها. وفداءه للموسر ليس أكثر من فداءهِ للفقير تذكروا فضةَ الفداء, لذا طلب الرب ان الموسر لا يزيد والفقير لا يُنقِص.

والمن أكلهُ الاسرائليون الى أن وصلوا الى ارضِ الميعادِ وعبروا الاردن. أي طالما بقوا في البريةِ, وهذا معناه إن المؤمنين سيأكلون الخبزَ الذي يُقدمُ في كنائس الله السبعةِ طالما بقوا في بريةِ هذا العالم. أي إلى أن ياتي الربُ. ولذا يقول المؤمنون في كنائس الله السبعةِ وقت تناول الخبز: "كُلَما أكلنا هذا الخبزَ وشربنا هذهِ الكأسَ نُخبِرُ بموتِ الرب الى أن يأتي".

عصا هرون التي أَفرخت: ولكي نفهم لماذا طلبَ الربُ أن توضع عصا هرون التي أفرخت في التابوت نذهب الى:

العدد (17 - 8): وكان في الغدِ أن موسى دخَلَ خيمة الشهادةِ فإذا عصا هرون التي هي لبيتِ لاوي قد أفرخت براعيمَ وأزهرت وأنضجت لوزاََ (9) فاخرج موسى جميع العصي من أمامِ الربِ الى جميع بني إسرائيلَ فنظروا كلُ واحدِِ عصاهُ (10) فقال الربُ لموسى رُدَ عصا هرون الى أمامِ الشهادةِ لِتُحفظَ آيةََ لذوي التمردِ فتَكُفَ عني تذمرهم ولا يهلكوا.

إن العصا بحدِ ذاتها كانت رمزاََ لإختيار الله لبيتِ لاوي أي للكهنةِ. وأصبحت أيضاََ رمزاََ للقيامةِ من بين الامواتِ. فكل مؤمنِِ يختارهُ الله لكي يؤمن بالمسيح وليكون من بني الكهنوت ومهياََ للقيامةِ مع أبناء النورِ. فتقول الرؤيا: من يسوع المسيح الشاهِدِ الامين وبِكرِ الامواتِ ورئيس ملوك الارضِ الذي غسلنا بدمهِ من خطايانا (6) وجعلنا ملكوتاََ وكهنةََ للهِ أبيهِ لهُ المجد والعزةِ الى دهرِ الدهورِ. آمين. (الرؤيا 1-5).

ومعنى ذلك إن الله قد جَعَلَ المؤمنينَ بفداءِ المسيح كهنةََ لهُ وشعباََ مختاراَ.

فنلاحظ إن الاشياء الثلاثة التي طلبَ الربُ وضعها في داخِلِ التابوت أي: لوحا الشهادةِ وقسطِ الذهب الذي فيهِ المن وعصا هرون التي أفرخت كانت رمزياََ تقول: إن لوحا الشهادةِ أي الناموس يؤدي الى موتِ كل من يُريد الخلاص بهِ. ولذا وضعا اللوحان في التابوتِ.  والمن أي جسدِ المسيح يُعطي الحياة.  وتأتي أخيراََ عصا هرون لتقول من أتَمَ هذهِ تكون لهُ القيامةِ من بين الامواتِ.

أي أن الاشياء الثلاثةِ دلت على: الموتِ بالناموس وامكانيةِ الحياة بجَسَد المسيح لِنَيلِ القيامةِ من بين الامواتِ.

والان نسال: لماذا طُلبَ أن ينضحَ هرون من دمِ عجلِ الخطاءِ بإصبعهِ على وجهِ الغطاءِ شرقاََ وأن ينضحَ من الدمِ أمامَ الغطاءِ سبعُ مراتِِ بإصبعهِ ؟؟

لقد قلنا سابقاََ إن المسيح أخذ مكاننا في القصاص الذي وجبَ علينا واخذ مكاننا في التابوتِ أيضاََ. وإذا قرأنا في:

يوحنا (19 - 40): فأخذا جسدَ يسوعَ ولفاهُ في لفائفِ كتانِِ معَ الاطيابِ على حسبِ عادةِ اليهودِ في دفنهم (41) وكانَ في الموضعِ الذي صُلِبَ فيهِ بستانُُ وفي البستانِ قبرُُ جديدُُ لم يوضع فيهِ أحدُُ بعد. (42) فوضعا يسوعَ هناك لأجلِ تهيئةِ اليهودِ لأن القبرَ كان قريباََ.

ونتذكرُ أيضاََ إن مريم عندما إنحنت الى القبرِ رأت ملاكين حيثُ وضِعَ جسدَ المسيح أحدهما عند الرأس والآخر عند الرجلين .. ونجد أيضاََ إن الصلبَ والقبرَ كانا في نفسِ البستانِ.

فلقد كانَ القبر غربي موقِعَ الصلبِ الذي كانَ فوقَ صخرةِ الجلجثةِ كما هو واضح من خريطةِ الموقع كما كان في وقتِ الصلب. أو الموقعَ كما هو اليوم كما يُشاهد من خريطةِ كنيسةِ القيامةِ فنرى واضحاََ أن مكان الصلبِ كان شرقي القبرِ.

والمسيح عُذِبَ من قبلِ الجنودِ الرومان قبلَ أخذهِ الى موقعِ الصلبِ وعُلِقَ على الصليبِ في الساعةِ الثالثةِ وماتَ في الساعةِ التاسعةِ بتوقيت ذلِكَ الوقت. أي إنهُ عُلِقَ على الصليبِ في الساعةِ التاسعةِ صباحاََ ومات على الصليبِ في الساعةِ الثالثةِ ظُهراََ حسب توقيتنا الحالي. أي ستةِ ساعات قضاها على الصليبِ خلالها نضحَ منهُ الدمُ نضحاََ من جروحهِ على الصليب وعندما نُقلَ الى القبرِ نضح من جسدهِ بقيةُ الدمِ الذي كان في أنسجةِ جسدهِ. ولذا طلبَ الربُ أن ينضح هرون من دمِ الذبيحةِ بإصبعهِ على الغطاءِ شرقاََ (لأن الصلب كان شرق القبر) وأن ينضح من الدمِ بإصبعه سبعُ مراتِِ أمام الغطاءِ. (لأن الصلبَ كان أمامَ القبرِ). وإن كنائس الله السبعةِ تُقَدِم رمزَ جسدِ ودم المسيح الى أن يأتي في مجدهِ ثانيةََ.

والان نسأل: لماذا وضعَ بابَ الدارِ شرقاََ وبابُ القدسِ وبابَ قدسِ الاقداسِ كلها شرقي تابوتِ العهدِ؟؟
عند صلب السيد المسيح كان وجهه وهو على الصليب نحو الشرق ولِهذا طلبَ الربُ من موسى أن يكونَ بابُ البيت نحو الشرق. ولهذا أيضاََ قالَ الفادي للفريسيين أنا البابُ. إن دَخَلَ بي أحدُُ يخلُصُ ويدخل ويخرجُ ويجد مرعى (يوحنا 10 - 9).

ولما كانَ المسيح على الصليب طُعِنَ جَنبَهُ الايمن وسالت منه الدماء والماء أي إن المياه تنزلُ من تحت من جانبِ البيت الايمن عن جنوبِ المذبحِ أي من جنبِ المسيح الايمن وكما قال الفادي إنقظوا هذا البيت وأنا أُقيمهُ في ثلاثةِ أيام

أي إن المدخل الوحيد الذي أُعطي للبشرِ للخلاصِ أي للخروجِ من الخطيئةِ والعودةِ الى الحياةِ الابديةِ هو بذبيحةِ الصليبِِ. ولهذا قالَ السيد المسيح:

يوحنا (14 - 6): .... أنا الطريقُ والحقُ والحياةُ. لا يأتي أحدُُ الى الابِ إلا بي.

فكما ترون إن الطريق الوحيد الذي أُعطي للبشرِ للخلاص هو ذبيحة المسيح وليس هناك طريق آخر فلا يُغرِرَ بِكُم أحد بالكلام المنمقِ. "فلا خلاص إلا بالمسيح المصلوب."

والان نسأل: لماذا طلبَ الربُ وضع التابوت في قُدسِ الاقداسِ؟

إن كل من إتبعَ الوصايا بتمامها, وكل من أكل جسدَ المسيحِ وشرب من دمهِ يخلص فجميعهم يخلصون بدمِ الذبيحةِ الالهيةِ لابن الله وينالوا الرضا الالهي بهِ. فيستطيعون التقدم الى عرشِ النعمةِ. أي الى كرسي الرحمةِ. ويرجعوا الى حضرةِ الخالقِ ثانيةََ ويبقوا في هيكلهِ دائماََ وينعموا برضاه الى الابدِ. ولما كان التابوت قد مثلهم جميعاََ وقد أخذ المسيح مكانهم وفداهم وناب عنهم فيهِ. فلذا طلب الربُ وضع التابوت الذي عملهُ موسى على مثال التابوت الذي رآهُ في الهيكل السماوي في قدس الاقداسِ. أي إن التابوت الرمز أخذ مكان التابوت المرموزِ اليهِ ووضعَ في قدسِ الاقداسِ  ونرى ذلك في:

الرؤيا (11 - 19): وإنفتح هيكلُ الله في السماءِ وظهرَ تابوت عهدهِ في هيكلهِ وحدثت بروقُُ وأصواتُُ ورعودُُ وزلزلةُُ وبَرَدُُ عظيمُُ.

وأيضاََ في: الرؤيا (7 - 9): وبعد ذلك رأيتُ فإذا بجمعِِ كثير لا يستطيعُ أحدُُ أن يحصيهِ من كلِ أُمةِِ وقبيلةِِ وشعبِِ ولسانِِ واقفون أمام العرشِ وأمام الحملِ لابسين حُللاََ بيضاََ وبأيديهم سعف نخلِِ .....(11) وكان جميع الملائكةِ وقوفاََ حول العرشِ وحول الشيوخِ والحيواناتِ الاربعةِ فخروا على وجوههم أمامَ العرش وسجدوا للهِ....... (13) فأجاب واحدُُ من الشيوخِ وقالَ لي من هولاءِ اللابسون الحللِ البيضِ ومن أين أتوا (14) فقلتُ لهُ أنت تعلمُ يا سيدي. فقالَ لي هولاء هم الذين أتوا من الضيقِ الشديدِ وقد غسلوا حللهم وبيضوها بدمِ الحملِ (15) لذلكَ هُم أمام عرشِ الله يعبدونهُ نهاراََ وليلاََ في هيكلِهِ. والجالسُ على العرشِ يحلَ فوقهم.

والان نذهب الى:

العدد (4 - 5): يأتي هرون وبنوهُ عندَ إرتحالِ المحلةِ فيُنزِلونَ الحجابَ ويُغطونَ بهِ تابوتِ الشهادةِ (6) ويجعلون عليهِ غِطاءََ من جلودِِ إسمنجونية ويبسطونَ من فوق ثوباََ كلهُ إسمنجوني ويركبون عتلهُ.... (15) ... يدخلُ بنو قهاتَ ليحملوا ولكن لا يلمسوا القدسَ لئلا يهلكوا.

إن التابوت مثل عرش الله السماوي وإذا لاحظنا طريقةَ تغطيتهِ نعلم فوراََ إن: تغطية التابوت بحجابِ الكتان الابيض المنسوجِ بألازرق السماوي والارجوان والقرمز والذي عليه الكروبيم معناه إن التابوت لملكِِ كاهنِِ سماويِِ قد فدى البشريةِ بدمهِ وتحميهِ الملائكةُ التي على الحجابِ. كما تحمي العرش السماوي. وفوق الحجاب ياتي غطاءُُ من جلود إسمنجونية زرقاء ثُم يُبسَطُ عليهِ ثوباََ كله إسمنجوني. أي إن هذا التابوت هو من السماء ويسير في البريةِ متحجباََ ومحمولاََ بعتلتين, أي يسير في هذا العالم وهو متحجب أي لا يُعرَفُ عَنهُ إنه من الله وأخيراََ يوضعُ على العتلتين أي ضلعا الصليب ويجول به الحاملون أرجاء البرية, أي أرجاءِ هذا العالمِ لكي يعلنوا للعالم أجمع فداءهُ قبل أن يصل المنتهى ويبلغ الى مكانه في قدس الاقداس في الهيكل السماوي.

ونلاحظ ان أول شيء طلب الربُ من موسى عملهُ كان التابوت, أي إنه اول أساس وأهم ركن في كل خطة الفداءِ والخروجِ من تحت نيرِ الخطيئةِ. أي إن فداء إبن الله هو أساس خطة الفداء لخروج البشرية من تحت نير العبوديةِ للخطيئةِ.

(2) مائـدة الـتـقـدمـةِ

الخروج (25 - 23): واصنع مائدةََ من خشب السنط ... (24) وغشها بذهبِِ خالص وضع لها إكليلاََ من ذهب يحيطُ بها ........ (29) واصنع قصاعها ومجامرها وكؤوسها وجاماتها التي يسكبُ بها من ذهب خالص تصنعها (30) واجعل على المائدة خُبزَ الوجوهِ بين يدي دائماََ.

(2) مائدة التقدمةِ: وهي مصنوعة من خشب السنطِ, أي يُقدمها من إنقطع عن سبلِ الحياةِ إلا إنها مغشية بألذهبِ الخالص أي مغشية بالبرِ الالهي. وعليها اكليل من ذهب خالص يُحيطُ بها على محيطها. أي إنها مائدة ملك سماوي وكان يوضع عليها خُبزَ الوجوه بين يدي الرب دائماََ. وكان للمائدةِ قصاعها ومجامرها وكؤوسها وجاماتها التي يُسكبُ بها والتي كانت جميعاََ من ذهبِِ خالصِِ. وكان لها عتلتين مغشيتان بالذهب تُحمل بها في وقت الانتقال في البرية. ونلاحظ في:

أللاويين (24 - 5): وخُذ دقيقاََ وتخبزَهُ إثني عشرَ قُرصاََ. عُشرَينِ يكون القرص الواحد (6) وتجعلها صفينِ كل صفِِ ستةََ على المائدةِ الطاهرةِ أمام الربِ. (7) وتجعل على كلِ صفِِ لُباناََ نقياََ فيكون للخبزِ تذكاراََ وقوداََ للربِ (8) في كل يوم سبتِِ يُرتبهُ أمام الربِ دائماََ من عند بني إسرائيل ميثاقاََ دهرياََ (9) فيكون لهرون وبنيهِ فياكلونهُ في مكانِِ مقدسِِ  لأنهُ قدس أقداسِِ لهُ من وقائد الربِ فريضةََ دهريةََ.

وفي: العدد (28 - 2): مُر بني إسرائيل وقُل لهم قرباني خُبزي مع وقائدي رائحةُ رضاي تحرصون أن تُقربوه لي في وقتِهِ (3) وقل هذه هي الوقيدةُ التي تقربونها للربِ حملان حوليانِ صحيحانِ في كل يوم محرقةََ دائمةََ (4) الحمل الواحدُ تصنعونهُ بالغداةِ والحمل الاخر بين الغروبين (5) وعُشرُ إيفةِ دقيق ملتوتُُ بربعِ الهينِ من زيتِ رضِِ للتقدمةِ (6) محرقة دائمةُُ كما صنعتَ في طور سيناءَ رائحة رضى وقيدةُُ للربِ (7) وسكيبها ربعُ هينِِ لكل حملِِ في القدسِ يُسكبُ سكيبَ مُسكِرِِ للرب ......(14) وسُكُبُهَا نصف هين من الخمرِ للعجلِ وثُلثُ هين للكبشِ وربعُ هينِِ للحَمَلِ .....

ولكي نفهم لماذا وضِعَ الخبز فوق المائدةِ في كل يوم سبت ولماذا خُصِصَ هذا الخبز لهرون وبنيه ولكي ياكلوهُ في مكانِِ مقدسِِ ولما هو قدس أقداسِِ لهم من وقائد الربِ فريضةََ دهريةََ.نذهبُ الى:

لوقا (22 - 14): ولما كانت الساعةُ إتكأَ هو والرسلُ الاثنأعشرَ معهُ. .... (19) وأخذَ خُبزاََ وشكرَ وكسرَ وأعطاهم قائلاََ هذا هو جسدي الذي يُبذَلُ لأجلكم إصنعوا هذا لذكري. (20) وكذلك الكأسَ من بعد العشاءِ قائلاََ هذهِ هي الكأسُ العهدُ الجديدُ بدمي الذي يُسفَكُ من أجلِكُم.

فنرى إن الاقراص على المائدةِ كانت إثناعشر وكان تلاميذ المسيح أيضاّّ إثناعشر فعدد اقراص الخبز مثلَ عدد التلاميذ والسيد المسيح في العشاء الاخير كَسَرَ الخبزَ وقدمَ لتلاميذهُ وقال هذا هو جسدي وكذلك عن الكاس بعد العشاءِ قال هذا هو دمي الذي يُسفك من أجلكم.

فالخبز مثل جسد المسيح الفادي والسكيب مثل دم المسيح الرب وطلبَ الربُ أن يوضع الخبز على المائدة كل يوم سبت ميثاقاََ دهرياََ, وأن يكون الخبز لهرون وبنيهِ ياكلونهُ في مكان مقدس وهو قُدسُ أقداسِِ لهم. وهذا هو أيضاََ ما طلبهُ السيد المسيح من تلاميذهِ عندما أعطاهم ليأكلوا حين قال لهم إصنعوا هذا لذكري. ففي هذا جعل يسوع تلاميذهُ هم الكهنة الجدد وليس هم فقط بل كل الذين يؤمنون عن كلامهم أي كل المؤمنين أصبحوا بهذا الكلام كهنةََ للربِ بدلَ اللاويين. وهذا هو ما تفعلهُ كنائسُ الله السبعة من وقت السيد المسيح والى قيامِ الساعةِ. وهي تُقَدِم الخبز الغير مختمر قرباناََ للمؤمنين وتقدم الخمر إيماءََ الى دم المسيح. ويقول المؤمنون عند تناول القربان المقدس: كُلما أكلنا هذا الخبز وشربنا هذهِ الكأس نُخبِرُ بموتِ الرب الى أن يأتي. وهذا الخبز يجب أن يؤكل في مكانِِ مقدس (الكنائس) وليس في بيوت الشعب.

وأما اللبان الذي على الخبز فقد كان للإشارةِ الى البخور الذي تُقَدِمَهُ الكنائس من مجامرها أثناء الذبيحة الالهية بحرقِ اللبان رائحة زكية للإشارةِ الى البخور العطر الذي يُقدم في قدسِ الاقداس. والخبز الملتوت بالزيت يدل على جسد مسيح الرب الممسوح.

ونلاحظ في: العدد (4 - 7): ويبسطون على مائدةِ الوجوهِ ثوبَ إسمنجوني , ويجعلون عليهِ القصاعَ والمجامرَ والكؤوسَ والجاماتِ التي يُسكبُ بها والخبزُ الدائم يكون عليها (8) ثُم يبسطون عليها ثوباََ من صبغِ القرمزِ ويُغطونها بغشاءِِ من جلودِِ أسمنجونيةِِ ويُركبون عتلها.

أي يضع بني هرون ثوبَ أزرق سماوي للدلالةِ على إنها مائدة سماوية. ويضعون عليها خبز الوجوهِ أثناء الرحيل, أي إن خبزَ الوجوهِ يبقى عليها حتى في وقتِ الرحيل ولا ينقطع منها أبداََ, فالمائدة تحمل جسد المسيح للمؤمنين مدى وجود البشرية في بريةِ هذا العالم, ويُبسَطُ عليها بعد ذلك ثوب من صبغِ القرمزِ, للدلالة على إنها مفدية بدمِ المسيح والعتلتان التي ترفعُ بهما تمثلان ضلعا الصليب الذي رُفِعَ عليهِ المسيح ليُعطي للمؤمنين جسده أي خبزَ الحياة, والذي يحيا بهِ المؤمنون وينالوا الحياة بمشاركة المسيح بحياتهِ الابديةِ.

هذا وقد طلبَ الربُ أن توضعَ المائدةَ في القدس لأن الكنائس التي تقدم جسد المسيح ودمهِ هي التي مثَلَها القدس في خيمةِ الاجتماعِ. وسنأتي الى تفصيل ذلك لاحقاََ عندما نتكلم عن أجزاءِ الخيمةِ وأغطيتها.

(3) المـنارة الذهـبـيـة

الخروج (25 - 31): واصنع منارةََ من ذهبِِ خالص صنعة طرق تعملها ............... (32) ولتكن ست شعبِِ متفرعة من جانبيها ثلاثُ شعبِِ من جانبها الواحد وثلاثُ شُعبِِ من جانبها الاخرِ ......(37) واصنع سرجها سبعةِِ وإجعلها عليها لتُضيءَ على جهة وجهها. .... (40) فانظُر واصنع على المثالِ الذي أنتَ مُرَاهُ في الجبلِ.

الخروج (27 - 20): وانت فمر بني إسرائيل أن يأتوك بزيتِ زيتونِِ مرضوض خالصِِ للمنارة لتوقد به السرجُ دائماََ (21) في خيمة الاجتماع خارجَ الحجابِ الذي أمامَ الربِ. رسمُُ أبدي مدى أجيالهم لبني إسرائيل.

(3) المنارة الذهبية: والمنارة من ذهبِِ خالص هي وقاعدتها وساقها ومنها أكِمَتها وعُجَرِهَا وأزهارها. ولها ستُ شُعبِِ متفرعةُُ من جانبيها, ثلاثُ شعبِِ لكُلِِ من جانبيها. وفي كُلِ شُعبةِِ ثَلاثُ أكمةِِ لوزيةِِ بعجرةِِ وزهرةِِ. وفي المنارةِ أربع أكمةِِ لوزية بعجرها وأزهارها وتحت الشعبتين الاوليين عجرةُُ منها وتحت الشعبتين الاخريين عُجرةُُ منها وتحت الشعبتين الاخريين عجرة منها. ولها سبعَةُ سُرجِِ تُضيءُ على وجهها. وكُلها قطعة واحدة وصنعها موسى على المثالِ الذي رآهُ في الجبلِ.

وقبل البدء بتفسير معنى المنارةِ الذهبيةِ والتي هي قطعة واحدة من ذهبِِ خالصِِ وزنهُ قنطاراّّ واحداََ نذهبُ الى:

زكريا (4 - 2): ............ فإذا بمنارةِِ كلها ذهبُُ وكوبها على رأسها وعليها سبعةُ سُرُجِِ وسبعةُ مساكب للسرجِ التي على راسها ( 3 ) وعليها زيتونتانِ إحداهما عن يمين الكوبِ والأُخرى عن يسارهِ (4) وأجبتُ وقُلتُ للملاكِ المتكلمِ معي ما هذهِ ياسيدي. (5) فأجابَ الملاكُ المتكلمُ معي وقالَ لي ألم تَعلَم ما هذهِ فقلتُ لا يا سيدي (6) فأجابَ .... (10)..... هذهِ هي سبعُ أَعينِ الربِ الجائلةِ في الارضِ كُلِها. (11) وأجبتُ وقُلتُ ما هاتان الزيتونتان على يمين المنارةِ وعلى يسارها. (12) ثُمَ أجبتُ ثانيةَ وقلتُ لهُ ما غُصنا الزيتون اللذان يُصِبان زيتَهما الذهبي في الانبوبين الذهبين (13) فكلمني قائلاََ ألم تعلم ما هاذانِ فقلتُ لا يا سيدي. (14) فقالَ هاذانِ هُما إبنا الزيتِ الواقفانِ لدى ربِ الارضِ كُلِهَا.

وفي: متى (5 - 14): أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينةُُ مبنيةُُ على جبلِِ (15) ولا يوقدُ سراجُُ ويوضعَ تحت المكيالِ لكن على المنارةِ ليُنيرَ على كُلِ من في البيتِ (16) هكذا فليُضيءُ نوركم قدامَ الناسِ ليروا أعمالكم الصالحةَ ويُمجدوا أباكمُ الذي في السماواتِ.

وفي: الرؤيا (1 - 5): ومن يسوع المسيح الشاهد الامين وبكرِ الامواتِ ورئيسِ ملوكِ الارضِ الذي أحبنا وغسلنا بدمهِ من خطايانا (6) وجعلنا ملكوتاََ وكهنةََ لله أبيهِ لهُ المجدُ والعزةُ الى دهر الدهورِ. آمين. ...... (11) قائلاََ أُكتب ما تراهُ في سفرِِ وإبعث بهِ الى الكنائس السبع التى في آسية الى أفسُسَ والى سميرنا ( أزميرَ ) والى برغامُسَ والى ثياتيرا والى ساردسَ والى فيلدلفيا والى لاودكيةَ (اللاذقية). (12) فإلتفتُ لأنظُرَ ما الصوتُ الذي يُكلمني وفيما إلتَفَتُ رأيتُ سبعَ منائرِِ من ذهبِِ (13) وفي وسطِ المنائرِ السبعِ شِبهَ أبن الانسانِ متسربلاََ بثوبِِ الى الرجلينِ ومتمنطقاََ عندَ ثدييهِ بمنطقةِِ من ذهبِِ ........ (16) وفي يدهِ اليمنى سبعةُ كواكبَ ومن فيهِ يخرج سيفُُ صارمُُ ذو حدينِ ووجههُ يُضيءُ كالشمسِ عندَ إشتدادها (17) فلما رأيتُهُ سقطتُ عندَ قدميهِ كالميتِ فوضعَ يدهُ اليمنى علي قائلاََ لا تخف أنا الاولُ والآخرُ (18) والحي وقد كنتُ ميتاََ وها أنا حيُُ الى دهرِ الدهورِ ولي مفاتيحُ الموتِ والجحيمِ (19) فاكتب ما رأيتَ ما هُو كائنُُ وما سيكونُ من بعد (20) وسِرَ الكواكبِ السبعةِ التي رأيت في يميني والمنائر السبعَ من الذهبِ. أما الكواكِبُ السبعةُ فهيَ ملائكةُ الكنائسِ السبعِ وأما المنائرُ السبعُ فهي الكنائسُ السبعُ.

إن عملَ المنارةِ هو أن تُضيء الظلمةَ حولها. وكما رأينا من الرؤيا ومن زكريا أعلاه إن المنارةَ تُمثل الكنائس السبع والتي هي: أفسس وسيميرنا وبرغاموس وثياتيرا وساردس وفيلدلفيا ولاودكية, والتي هي سبع كواكب في يد المسيح اليمنى وقد قال المسيح لهُ المجد أن المؤمنين هم نور العالم. والمنارة مصنوعة من ذهبِِ خالصِِ أي إنها مُطابقةََ لِمُتطلباتِ البرِ الالهي, وسُرجُها تُضيءُ الى وجهها, أي إنها تُنيرُ للمؤمنين في داخلِ القدسِ وأيضاََ تُنيرُ للذين هُم في الخارجِ.

فالمنارةِ تُمثِل المراحل الكنسيةِ السبع من وقتِ مجيء المسيح الاول وفدائهِ والى وقتِ مجيئهِ الثاني في مجدهِ السماوي.

وللمنارةِ ثلاث أكمةِِ لوزية بعجرةِِ وزهرةِِ في كل من شعبها الست الجانبية وأربعة أكمة لوزية بعجرةِِ وزهرةِِ في الشعبة الوسطى. ولما كانت الاكمة بعجرها وأزهارها تمثل القيامةِ من الموتِ (تذكروا عصا هرون التي أفرخت وأزهرت وانضجت لوزاََ).

وأيضاََ إنها شُعَب كهنوتِِ فكل المؤمنين فيها هم كهنة للرب تماماََ كهرون.

أي إن الكنائس السبعة التي تبدأ من وقتِ مجيء المسيح الاول وتنتهي وقت مجيء المسيح الثاني في مجدهِ تُنِير الطريقَ للبشرِ أجمعين للحصولِ على القيامةِ وتُعطِيهُم خُبزَ الحياةِ (جسد المسيح) ودمهٍِ لينالوا بهِ غفراناََ لخطاياهم ويحيوا بهِ ولتكونَ لهم القيامة من بينِ الامواتِ وشركة بالمسيح والحياة الابدية السماويةِ. (وبهذا يكون المسيح قد جعلنا ملكوتاََ وكهنة لله أبيهِ).

وفي: اللاويين (24- 2): مُر بني إسرائيلَ أن ياتوكَ بزيتِ زيتونِِ مرضوضِِ صافِِ للمنارةِ لِتُسرج بهِ السرجُ دائماََ (3) في خارجِ حجابِ الشهادةِ في خيمةِ الاجتماعِ يُرتبها هرونُ من العشيِ الى الصُبحِ أمامَ الربِ دائماََ رسمُُ أبديُُ مدى أجيالِكُم (4) على المنارةٍِ الطاهرةِ يُرتِبُ السرجَ أمامَ الربِ دائماََ.

وفي هذا يتبين لنا إِن الروح القدس هو وقود المنارةِ ويعملُ من خلالِ كنيسَتِهِ لإنارةِ الطريق مدى الاجيالِ للعالمِ اجمع لكي يحصلوا على الحياة الابديةِ بأَكلِ جَسَدِ المسيح ليحيوا بهِ.

وقد قال المسيح لهُ المجد:"أنا أُرسلُ اليكم موعد أبي فأمكثوا أنتُم في المدينة الى أن تلبسوا قوةََ من العلاءِ[لوقا (24 - 48)].

وفي: ألاعمالِ (1 - 8): لكِنَكُم ستنالون قُوةَ الروحِِ القُدُسِ الذي يحلُ عليكم فتكونون لي شهوداََ في أُورشليم وجميعِ اليهوديةِ وفي السامرةِ والى أقصى الارضِ.

وفي: ألاعمال (2 - 1): ولما حلَ يوم الخمسين كانوا كلهم معاََ في مكانِِ واحدِِ (2) فحدثَ بغتَةََ صوتُُ من السماءِ كصوتِ ريحِِ شديدةِِ تعصِفُ وملأ كل البيتِ الذي كانوا جالسين فيهِ (3) وظهرت لهم ألسنةُُ منقسمةُُ كأنها من نارِِ فإستَقَرت على كلِ واحدِِ منهم (4) فإمتلأُوا كُلُهُم من الروحِ القُدُسِ وطفقوا يتكلمون بلغاتِِ أُخرى كما أتاهُم الروحُ أَن ينطِقوا.

وفي: العدد (4 - 9): وياخذون (بني هرون) ثوب إسمنجوني ويُغطونَ بهِ منارةَ الاضاءةِ وسُرجها ومقاطها ومنافضها وسائرَ آنيتها التي يخدمونها بها (10) ويجعلونها هي وجميعَ آنيتها في غشاءِِ من جلودِِ إسمنجونيةِِ ويجعلون ذلك على العتلِ.

أي إن المنارة هي نورُُ للعالم آتِِ من السماءِ من عندِ الربِ من بدايةِ الخلقِ. هذا وقد طَلَبَ الربُ أن توضع المنارةَ في القدسِ بحيث تكون مائدة الربِ في الشمالِ والمنارة فى جهةِ الجنوبِ .

وهذا معناهُ إن مكان المنارة هو في كنائس الله التي مثلها القدس. وسوف نأتي الى تفصيل ذلك لاحقاََ عندما نتكلم عن أجزاءِ الخيمةِ وأغطيتها . ولما كانت الذبائح التي ترمزُ الى جسَدِ المسيح تذبح الى شمالِ مذبحِ النحاسِ هُنا أيضا وضِعَت المائدة التي عليها الخبز والذي يرمِزُ الى جسدِ المسيح الفادي في الجهةِ الشمالية من القدسِ. ووضِعَت المنارةَ في الجهةِ الجنوبيةِ من القدسِ.

والان دعنا نرى ماذا طلبَ الربُ من النبي إرميا أن يفعلَهُ. ولماذا؟

سفر المكابيين الثاني (ف 2 - 4): وجاءَ في هذه الكتابة أن النبي بمقتضى وحي صار اليه أَمرَ أن يذهب معه بالمسكن والتابوت حتى يصل الى الجبل الذى صعد اليه موسى ورأى ميراث الله (5) ولما وصل إرميا وجد كهفاََ فأدخل اليه المسكن والتابوت ومذبح البخور ثم سد الباب (6) فأقبل بعض من كانوا معه ليَسمُوا الطريق فلم يستطيعوا أن يجدوه (7) فلما أُعلم بذلك إرميا لامهم وقال إن هذا الموضع سيبقى مجهولا إلى أن يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم. (8) وحينئذ يبرز الرب هذه الاشياء ويبدو مجد الرب والغمام كما ظهر في أيام موسى ...... .

هنا نرى إن الله سبحانه لم يطلب من إرميا أن يأخذ المنارة و مائدة التقدمة ويضعهما في الجبل مع المسكن والتابوت ومذبح البخور. والسبب هنا واضحُُ جداََ فإن المسكن والتابوت ومذبح البخور كما قال النبي إرميا سيظهران عندما يبرزهما الرب عندما يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم. أي في وقت النهاية عندما يؤمن اليهود بالمسيح الحقيقي الذي جاء فأنكروه أي كما يقول القديس بولس " إن كان رفضهم هو مصالحة العالم فما يكون قبولهم الا حياة من بين الاموات (رومية 11 - 15).

ولكن أين المنارة ومائدة التقدمة الان؟ يقول التاريخ إن القائد الروماني تيطس الذي حاصر اورشليم سنة (70) ميلادية وهدم الهيكل الذي رممه هيرودس أخذ المنارة الذهبية ومائدة التقدمة وقد ظهرتا في الاستعراض الذي جرى إحتفالا بإنتصاره في روما. وصورتهما لا زالت منقوشة على حجر بوابة النصر في روما القديمة. الصورة التي سجلت للتاريخ الاشياء المسلوبة من هيكل اورشليم في حينه.

أي إن المنارة الذهبية ومائدة التقدمة لا زالتا مع البشرية ما دامت البشرية حيث إن المنارة السباعية تمثل الكنائس السبع والتي ستبقى مع البشرية الى وقت النهاية, لتضيء للبشرية الطريق.وحينئذ ستظهر هي الاخرى مع مائدة التقدمة لتنقل الى المسكن الذي سيظهره الرب في وقت النهاية.

(4) مـذبـح البخـور

الخروج (30 - 1): واصنع مذبحاََ لايقاد البخور. من خشب السنط تصنعه (2) طوله ذراع وعرضه ذراعُُ مربعاََ يكون وسمكهُ ذراعانِ وقرونه منه (3) وغشه بذهب خالص سطحه وجدرانه من حوله وقرونه واصنع له إكليلاََ من ذهب يحيط به ........
(6) وأقمهُ تجاه الحجاب الذي أمام تابوت الشهادةِ أمامَ الغطاء الذي على الشهادة حيثُ أجتمعُ بك (7) فيوقد عليه هرون بخوراََ عطراََ في كل صباحِِ. حين يصلح السرجَ يوقدهُ (8) وحين يصعد هرون السرج في العشيةِ يوقده. بخوراََ دائماََ أمام الرب في أجيالكم. (9) لا تصعدوا عليه بخوراََ غريباََ ولا محرقةََ أو تقدمةََ. ولا تسكبوا عليه سكيباََ.( 10 ) ويصنع هرون كفارة على قرونهِ مرةََ في السنة من دم ذبيحة الخطاءِ .......... يصنع كفارة عليه في أجيالكم قدسُ أقداسِِ هو للربِ. .............

(4) مذبح البخور: ومذبحُ البخورِ مصنوع من خشبِ السنطِ ومُغشى بالذهبِ, أي إنهُ إنقطَعَ عن سُبلِ الحياة فمات وأخذ في الفناءِ فغشاهُ البرُ الالهي. وللمذبح قرون أربعة ولهُ اكليل من ذهبِِ يُحيطُ بهِ. أي إنهُ لِمَلِكِِ سماوي. ويُحملُ بعتلتين من خشبِ السنطِ مغشيتين بالذهبِ. وقد طلبَ الربُ أن يوضَعَ مذبح البخورِ في القدسِ أمام الحجابِ الذي يفصل القدس عن قدس الاقداس الذي فيه تابوت الشهادة حيثُ يجتمع الله بموسى. ويوقد هرونُ عليهِ بخوراََ عَطِراََ في كلِ غداةِِ حين يُصلِح السرجِ يوقدهُ. وحين يُرفعُ السرجَ بين الغروبين يوقدهُ بخوراََ دائماََ بين يدي الربِ مدى ألاجيالِ. ولم يسمح الربُ أن يُصعِدوا عليهِ بخوراََ غريباََ ولا محرقةََ ولا تقدمةََ ولا أن يصبوا عليهِ سكيباََ. ويُكفر هرون على قرونهِ مرةََ في السنةِ من دمِ ذبيحةِ الخطاءِ التي للكفارةِ مرةََ في السنة يُكفِرُ عليه مدى أجيالِ بني إسرائيل وهو قُدسُ أقداسِِ للربِ. [الخروج (30 - 10)].

وفي: الخروج (30 - 34): وقال الربُ لموسى خُذ لكَ أعطاراََ صموغاََ وميعةََ وقِنَةََ عطِرةََ ولباناََ ذكياََ أجزاء متساوية تكون
(35) وإصنعها بخوراََ عطِراََ مُمَلَحَاََ نقياََ مُقَدساََ (36) واسحق منهُ ناعماََ وإجعل منهُ أمام الشهادةِ في خيمةِ الاجتماعِ حيثُ أجتمعُ بِكَ قُدسُ أقداسِِ يكون لكم.

ولكي نفهم معنى البخور نذهب الى :

الرؤيا (8 - 3): وجاء ملاكُُ آخر ووقفَ عِند المذبحِ ومعهُ مجمرةُُ من ذهب فأُعطي بخوراََ كثيراََ ليُقدمَ صلواتِ القديسين كلهم على مذبح الذهبِ الذي أمام العرشِ (4) فصعد دخانُ البخورِ من صلواتِ القديسين من يد الملاكِ أمام اللهِ.

وفي اللاويين (16 - 12): ثُم ياخُذَ (هرون) مِلءُ المجمرةِ جمرَ نارِِ من فوق المذبح (مذبح المحرقة) من بين يدي الربِ ومِلءَ راحتِهِ بخوراََ عطِراََ مدقوقاََ ويدخُلُ بهما الى داخلِ الحجابِ (13) ويُلقي ذلكَ البخورَ على النارِ بين يدي الربِ حتى يُغطي غيمُ البخور الغطاءَ الذي على الشهادةِ فلا يموت.

هذا ونرى إن الربَ طلب عدم تقديم بخورِِ غريبِِ أو محرقةََ أو تقدمةََ أو سكيباََ على مذبح الذهب. وعندما قدم إبنا هرون ناداب وأبيهو كلُُ واحدِِ منهما مجمرتَهُ فجعلَ فيها ناراََ ووضَعَ عليها بخوراََ وقربا بين يدي الربِ ناراََ غريبةََ لم يأمُرهُما بها, خرجت نارُُ من عندِ الربِ فأكلَتهُمَا وماتا أمام الربِ . فالنار يجب أن تأتي من مذبح النحاسِ الذي في الخارجِ أمام باب الخيمةِ أي من النارِ الابديةِ الدائمةِ. وكانت تُنقَل بواسطةِ مجمرة ذهبيةِ من مذبح المحرقة الى مذبح البخورِ. ولا يُقَدمُ عليها سوى البخور العطر الذي كما رأينا من الرؤيا مثل صلواتِ القديسين.

وقد طلبَ الربُ أن يوضعَ مذبحَ الذهبِ في القدسِ أمام الحجابِ الذي يفصل القدس عن قدس الاقداس الذي فيه تابوت الشهادة وذلكَ لأن مذبح الذهب السماوي موجودُُ أمام العرش السماوي. ولأن صلواتِ القديسين يُقَدِمها الملائكةُ على مذبح الذهب بين يدي الله أمام العرشِ السماوي. وأي صلاةِ غريبة لايمكن أن تُرفع بين يدي الله سبحانهَ إلا صلاةِ المؤمنين القديسين التي أساسها هو فِداءُ المسيح إبن الله.

هذا وقد طلب الرب إن يكون البخور العطر مُملحاََ نقياََ مقدساََ وذلك لأن الملح هو ملح العهدِ الجديد حيثُ قال المسيح لهُ المجد في: [ متى (5 - 13)] أنتُم ملحُ الارضِ فإذا فَسَد الملحُ فبماذا يُملحُ. .... فنرى إن المؤمنون هم الذين تُرفع صلاتهم وإيمانهُم وشُكرهُم وسجودهُم الى عرشِ الله سبحانهُ.

وفي: العدد (4 - 11): ويُبسطون (بني هرون) على مذبحِ الذهبِ ثوبَ إسمنجونيِِ ويُغطونهُ بغشاءِِ جلودِِ إسمنجونية ويُركبونَ عتلَهُ.

أي إن مذبح البخور هو من السماء وهو هناك من بدايةِ الخلقِ. والعتل معناها إن مذبح الذهب أساسهُ هو الصليب أي الفداء, والصلواتِ التي تُقدمُ عليهِ أساسها هو فداء إبن الله.

والان نسال: لماذا طلب الربُ أن يُكفِر هرون على قرونِ مذبح الذهب الاربعةِ مرةََ في السنةِ من دمِ ذبيحةِ الخطاءِ التي للكفارةِ مدى أجيالِ بني إسرائيل ؟

طريقة التكفير: ثُم يخرج الى المذبح الذي أمام الربِ ويُكفر عليهِ فياخذُ من دمِ العجلِ ودمِ التيسِ ويضعُ على قرونِ المذبحِ من كلِ جهةِِ, وينضح عليهِ من الدمِ بإصبعهِ سبعَ مراتِِ ويُطهرهُ ويُقدسهُ من نجاسةِ بني إسرائيل.[اللاويين (16 - 18 / 19)].

لمذبح الذهب أربعةُ قرون على جوانبهِ, وهي تمثلُ أركان العالم الاربعة أي جميع أركان الارض. والصلوات التي تقدم عليهِ دائماََ هي صلوات القديسين, ويُقَدَمُ عليهِ البخور على مدار السنة كل يوم صباحاََ ومساءََ وقت إصلاح سرج المنارة الذهبية ولما كانت المنارة تُمثل كنائس الله السبعة والتي تبدأ من مجيء المسيح الاول وتنتهي عند مقدم المسيح الثاني في مجدهِ, يصبح الامر واضحاََ إن صلوات القديسين تُرفع من كنائس الله السبعةِ الى عرشِ الله ليل نهار مدى الاجيال الى نهاية العالم. أما لماذا التكفير مرة في السنةِ, فيتبين ذلك عندما نعلم إن كنائس الله السبعة تُخَلِد تذكار الفداء وموت المسيح على الصليب مرةََ واحدةََ في السنة يوم الجمعةِ العظيمة.

ولما كانت كنائس الله هي سبع. طُلِبَ الربُ من هرون أن يرُشَ من دم ذبيحةِ الخطاءِ سبع مرات على مذبح الذهب وأن ينضح الدم على قرونه الاربعة. أي أن يُطهرَ صلواتَ القديسين في كنائس الله السبعةِ والمُنتَشِرةِ في أركانِ العالمِ الاربعة مدى الاجيال الى إنقضاء الزمان بدم المسيح الفادي الذي إفتدى خطاة العالم.

(5) مذبح المحرقةِ (أو مذبح النحاسِ)

الخروج (27 - 1): واصنع المذبح من خشب السنط وليكن طوله خمس أذرع وعرضهُ خمس أذرع مربعاََ يكون المذبح وثلاثُ اذرع سمكهُ (2) واصنع قرونه على اربع زواياهُ منهُ تكون قرونه وغشهِ بنحاس (3) واصنع قدوره لرمادهِ ومجارفهُ وجاماتهِ ومناشلَهُ ومجامرهُ. جميع آنيته تصنعها من نحاس. (4) وتصنع له شباكةََ صنعة الشبكة من نحاسِِ ...... (5) وإجعلها تحت حافة المذبح من أسفل بحيثُ تصل الشبكةُ الى نصف المذبح.... (8) تصنعه أجوفَ من الواحِِ على ما أُريتَ في الجبل كذلك يصنعونهُ.

(5) مذبح المحرقةِ (أو مذبح النحاسِ): ومذبح المحرقةِ مصنوع من خشبِ السنطِ وهو مربع طول ضلعهِ خمسة أذرع وإرتفاعهُ ثلاث أذرع , ولهُ أربعة قرون على جوانبهِ , وهو مغشى بالنحاسِ. ولهُ شبكة من نحاسِِ مربعة مساحتها بقدر مساحةِ المذبح وتوضع الشبكة بحيث تصل الى منتصفِ إرتفاعِ المذبح. وللمذبح عتلتين من خشبِ السنطِ مغشيتين بالنحاسِ وتُدخَلانِ في حلقاتِ شبكِ النحاسِ وقت الرحيل في البريةِ. والمذبح أجوف وصنعه موسى على مثال ما رأى في الجبلِ. أي لا قاعدة لهُ. وللمذبح مجارف وقدور وجامات ومناشل ومجامر لجمع الرمادِ وكلها من نحاسِِ.

إن المذبح مصنوع من خشبِ السنطِ. أي انهُ قد مات وإنقطعَ عن سُبلِ الحياةِ ولكنهُ مغشي بالنحاسِ, أي تُلاحقَهُ الدينونةُ لِتُدين الخطيئة. وشبكة النحاسِ توضَع في وسطِهِ, أي في منتصفِ إرتفاع المذبح. والنار توقَدُ فيهِ فوق الشبكةِ ليل نهار بدون إنقِطاعِِ, والمذبح لا قاعدة لهُ. ولهُ أيضاََ أربعة قرون من نحاسِِ, قرن في كلِ ركن من أركانهِ.

وفي: اللاويين (6 - 12): وتبقى النارُ على المذبحِ متقِدةََ لا تُطفأُ ويضعُ عليها الكاهِنُ حطباََ في كُلِ غداةِِ .... (13) تبقى النارُ متقدةََ دائِماََ على المذبحِ لا تُطفأُ.

وهذا معناه ان المذبح والنار الدائمة الخالدة عليهِ مثلت جهنم النار. فنارُ جهنم خالدةََ لا تنطفيء أبداَ, واليها يذهب من إستحق الموتَ الروحي والجسدي اي كل خاطيء إستَحَقَ الموت الابدي , حيثُ يُحرقُ هناك الخاطيء حرقاََ أبدياََ لا نهاية لهُ روحاََ وجسداََ إكمالاََ لِمُتطلباتِ العدل الالهي لأن دينونة الخطيئة هي الموت الابدي. وكما ان جهَنم لا قَرارَ لها كذلكَ مذبح النحاسِ لا قاعدة لهُ ولما وجدَت جهنم النارِ لحرقِ الخطاةِ روحاََ وجسداََ حرقاََ أبدياََ كذلك صُنِع مذبح النحاسِ لحرقِ ما يُمَثِل الخاطيء أي الذبيحة التي تفديهِ روحاََ وجسداََ. جسدياََ بحرقِ جسدِ الذبيحة على النارِ بان تبقى المحرقة على وقيد المذبح طولَ الليلِ الى الغداةِ ونارُ المذبحِ متقدةُُ عليها [اللاويين (6 - 9)]. وروحياََ بأن تُذبحَ الذبيحة شمالِ المذبح وأن يُقرِبَ بنو هرون الدمَ وينضحونهُ على مذبحِ المحرقةِ, إذا كانت الذبيحة محرقةََ [اللاويين (1 - 5)].

ونحن نعلم إن الدم هو بمثابةِ الروح كما رأينا ذلك سابقاََ. وأن كانت ذبيحة خطيئة فيضع الخاطيء يدهُ على رأسِ الذبيحةِ ثُمَ تُذبح شمال المذبحِ وياخذ الكاهن من دمِ الذبيحةِ بإصبعهِ ويضعهُ على قرونِ مذبحِ المحرقةِ وسائرِ دمها يَصُبَهُ عندَ أساسِ المذبحِ. [اللاويين (4 -33/34)]. أي إن روحها تذهب أيضاََ الى جهنم وتحرق بالنارِ.

وللمذبح أربعة قرون أي إن العالم أجمع الى أركان الارضِ الاربعةِ هو تحت الدينونةِ.

وحيثُ إن الخاطيء يموتُ موتاََ روحياََ وجسدياََ أبدياََ. وجبَ أن تتوفر في الذبيحة البديلة بعض الشروط لإستِكمَالِ متطلباتِ العدلِ الالهي وهي: أولاََ أن تكون الذبيحة بلا خطيئة في ذاتها. وثانياََ أن يكون للذبيحةِ حياة أبدية لتتحمل الموت الابدي عن الخاطيء ولما كانت الذبائح التي رسمَ الخالقُ تقديمها على مذبح المحرقةِ تفي بالشرطِ الاول أي إنها بلا خطيئة في ذاتها, إلا إنها تُقَصِرُ في الشرطِ الثاني أي ليس لها حياة أبدية في ذاتها .فهنا أصبحت الذبيحة الحيوانية البديلة وقتية وزمنية أي لا تستطيع أن تُعطِي غُفراناََ تاماََ من الخطيئةِ التي تُغَطيها, لذا لم يكن أمام الخالق حل آخر غير تقديم الذبيحة الالهية وأن يُعطينا إبنهُ حيثُ له الحياة الابدية, وأن يُشاركنا في حياتنا البشرية وأن يولدَ تحت الناموس ويعملَ بهِ ويبقى مع ذلك بدون خطيئة حتى يستطيع أن ينوب عنا ويُفدينا ولما كان هو الاله إنتصر على الموت وقام من بين الاموات. ونال المؤمنين بهِ المشاركةِ في حياتهِ الابدية. وكما ترون أصبحت الذبيحة الحيوانية رمزاََ فقط للذبيحة الالهيةِ, وليس البديل عنها.

ولم يكن للمذبح درج بالرغم من إرتفاعِهِ, وقد قال الربُ: ولا تصعد الى مذبحي على درجِِ لئلا تَنكَشِفَ سوْتُكَ عليهِ.
[الخروج (20 - 26)]. أي لئلا تنكشف خطيئَتَكَ عليهِ فتموت. وهكذا أيضاََ المسيح أُصعِدَ على الصليبِ ورُفِعَ رفعاََ على الصليبِ من دونِ درج. وقد إنسكب دمهُ كلهُ على أساسِ الصليبِ الذي رفعَهُ ومات عليهِ. وهكذا أتَمَ الفداءُ.

وكانت الذبائح تُذبح الى شمالِ المذبح. وكان الرماد يُجمع ويُخرج الى خارجِ المَحلَةِ الى مكانِ طاهرِِ. وهذا حصَلَ فعلاََ لجسدِ السيد المسيح حيثُ وضعَ بعد موتهِ في قَبرِِ جديدِِ لم يكن قد وضِعَ فيهِ أحدُ, خارجَ أُورشليم. [لوقا (23 - 53)].

وفي: العدد (4 - 13): ويرفعون رماد المذبحِ (مذبح النحاس) ويُبسطونَ عليهِ ثوبَ أُرجوانِِ (14) ويجعلون عليهِ جميعَ أمتعتِهِ التي يخدمون بها عليهِ المجامرَ والجامات والمجارفَ والمناشلَ وسائرَ أمتعةِ المذبح ويبسطون عليهِ غطاء من جلودِِ إسمنجونيةِِ ويُركِبونَ عتلَهُ. .......(15) فإذا فرغ هرون وبنوه من تغطية القدس ..... عند رحيل المحلة ...يدخل بنو قهات ليحملوا.

أي يبسَطُ على المذبح ثوب أُرجوانِِ للدلالةِ على أن الملك يسوع المسيح إبن الله يُقَدَمُ عليهِ وهذهِ كانت القطعة التي كُتِبَت فوق صليبَهُ "هذا هو ملكُ اليهود" والعتلتان مثلتا ضلعا صليبهِ. وغطاء الجلود الإسمنجونية للدلالةِ بان الفداء قد أُعِدَ منذُ بدءِ الخليقةِ وقبلَ خَلقِ آدم وحواء.

(6) المِرحَضَة (المُغتَسَل) النحاسية

الخروج (30 - 18): إصنع مغتسلاََ من نحاس مقعده من نحاس للغسل وإجعله بين خيمة الاجتماع والمذبح واجعل فيه ماءََ
(19) فيغسل هرون وبنوهُ أيديهم وأرجلهم (20) إذا دخلوا خيمة الاجتماع فليغتسلوا بماءِِ لئلا يموتوا. وإذا تقدموا الى المذبح ليخدموا ويقتروا وقيدة للربِ (21) فليغسلوا أيديهم وأرجلهم لئلا يموتوا. يكون ذلك لهم رسمَ الدهر له ولنسله مدى أجيالهم.

(6) المِرحَضَة (المُغتَسَل) النحاسية: المِرحَضَة أو المُغتَسَل من النحاسِ وغير معروف القياسات ويوضع خارج الخيمة بين الخيمة ومذبح النحاس (مذبح المحرقةِ) وفيهِ ماء ليغتسِلَ بهِ هرون وبنيهِ (أي الكهنة) يغسلون أيديهم وأرجُلهم قبل دخولِ خيمةِ الاجتماع الى القدسِ أو عندَ إقترابهم الى المذبحِ للخدمةِ ليُوقدوا وقوداََ للربِ لئَلا يموتوا. ويكون لهم فريضة أبديةََ لهُ ولنسلهِ في أجيالِهِم.

لقد طلَبَ الربُ صنع المغتَسَل (المِرحَضَة) بعد مذبحِ البخورِ والإثنان ذُكِرَا بعد إستكمالِ وصفِ تابوت العهدِ ومائدةِ التقدمةِ والمنارةِ الذهبيةِ وأجزاءِ الخيمةِ في الداخلِ والخارجِ ومذبح المحرقةِ. ولم يكن ذلك من دون سبب. لقد رسم الربُ خطةَ الفداءِ وقدمَ إبنهُ بديلاََ عنا وأعطانا جسدَهُ ودمَهُ غذاءِِ روحياََ وجسدياََ. وجعلَ منا ملكوتاََ وكهنةََ بين يديهِ مدى أجيالنا, وأفهمنا طريقَ الخلاصِ, وأعطانا رمزَ الفداءِ لنفهم معنى الفداءِ ومُتَطَلباتِ الحصولِ عليهِ. وأخيراََ ذَكَرَ لنا كيفَ تُنَقَى أرواحنا وأجسادنا. فتقية الروح تَتُم بالصلاةِ وتقديم الشُكرِ لله. ونرى ذلك واضحاََ في:

المزمور (141 - 2): لتستقِم صلاتي كالبخور قدامكَ ليكن رفعُ يديَ كذبيحةِِ مسائيةِِ.

المزمور (51- 15): ياربُ أَفتَحُ شفتي فيُخبِرَ فمي بتسبيحك. لأنك لا تُسَرُ بذبيحةِِ وإلا فكُنتُ أُقدِمُها. بمحرقَةِِ لا ترضى. ذبائحُ الله هي روحُُ مُنكَسِرَةُُ, القلبُ المُنكَسِر والمنسحقِ يا الله لا ترذلهُ.

فتنقية الروح وغسلها بالصلاةِ الى الله هي الأهم فلذا ذُكِرَت أولاَ. وإغتسال أجساد الكهنة المؤمنين بالماءِ وجبَ هو الاخر لتكون أرواحهم وأجسادهم نقية فالخلاص هو للروحِ والجسدِ, وبفدائهم يرتبطون بخالقِهِم ثانيةََ. ولقد خَرَجَ الدم والماء من جنبِ المسيح وهو على الصليب عندما فدانا روحاََ وجسداََ. [يوحنا (19 - 22)].

والمرحضة صُنِعَت من مرائي المتجندات لخدمةِ خيمةِ الاجتماعِ. فبدل الاعتناء بالمظهر الخارجي للمؤمن وجب عليهِ الاعتناءِ بنضافةِ جسدهِ وصفاءِ ونقاء روحهِ أمام خالقِهِ ليسَ من الخارجِ بل من الباطن, أي الانسان الباطن. أي إن الماءَ الذي في المرحضةِ هو الرمزُ الى العمادِ الواجِبِ على المؤمن قبلَ دخول كنيسة الله في القدسِ. والفادي المسيح قامَ بغسلِ أرجلَ التلاميذ قبلَ أن يُتِمَ الفداءَ ففي:

يوحنا (13 - 5): ثُمَ صبَ ماءََ في مطهرةِِ وأخذ يغسلُ أرجُل التلاميذِ ويمسَحُها بالمنديلِ الذي كان مؤتزراََ بهِ. (6) فتقدمَ الى سمعان بطرسَ فقالَ لهُ سمعانُ أأنت يا ربُ تغسلُ رِجلَيَ. (7) أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ إن الذي أصنعهُ أنا لا تعرفهُ أنت الان ولكنكَ سَتَعرِفَهُ فيما بعدُ. (8) فقالَ لهُ بطرسُ لن تغسلَ رجلي أبداََ. أجابهُ يسوعُ إن لم أغسِلكَ فليس لكَ نصيبُُ معي (9) قال سمعانُ بطرسُ ياربُ لا تغسل رجليَ فقط بل يدي ورأسي أيضاََ. (10) قال لهُ يسوعُ إن الذي قد إغتسلَ لا يحتاجُ إلا الى غسلِ الارجُلِ لأنهُ نقيُُ وأنتم أنقياءُُ ولكن لا جميعكم.

والان سوف نبدأ بشرحِ أجزاءِ الخيمةِ من الخارجِ الى الداخِلِ أي نبدأُ بسور الخيمةِ ومن ثُمَ القدس وقدس الاقداسِ, وأخيراََ أغطيةِ الخيمةِ وأجزائها.

(7) سـور الخـيـمـة

الخروج (27 - 9): واصنع سرادق (أسور) المسكن وتكون من جهة مهب الجنوبِ أستارُُ (ستائر) للسرادقِ من بوص مبروم (كتان) مئة ذراعِِ طولها في الجهة الواحدةِ (10) وعمدها عشرينَ وقواعدها عشرين من نحاسِِ واجعل عقاقيف العمدِ وأطواقها من فضة (11) وكذلك من جهة الشمالِ في الطولِ أستارُُ طولها مئة ذراعِِ وعمدها عشرون وقواعدها عشرونَ من نحاسِِ. وعقاقيفُ العمد وأطواقها من فضةِِ (12) وفي عرضِ السرادق من جهة الغربِ تكون أستارُُ طولها خمسون ذراعاََ وعمدها عشرةُُ وقواعدها عشرُُ (13) وفي عرض السرادق من جهة الشرق خمسون ذراعاََ (14) وخمس عشرةَ ذراعاََ من الاستار للجانب الواحد وأعمدتها ثلاثةُُ وقواعدها ثلاثةُُ (15) وللجانب الاخر أستارُُ طولها خمس عشرة ذراعاََ واعمدتها ثلاثة وقواعدها ثلاثُُ
(16) وعلى بابِ السرادق (السور) سترُُ (ستارة) طولهُ عشرونَ ذراعاََ من إسمنجوني وأُرجوان وصبغِ قرمز وبوص مبروم (كتان) صنعة مطرزِِ واعمدتهُ أربعة وقواعدها أربع (17) لجميع عمدِ السرادق (السور) على محيطهِ تكون أطواقُُ من فضة وعقاقيفها من فضة وقواعدها من نحاس. (18) طول السرادق (الاسوار) مئة ذراع وعرضه خمسون فخمسون وسمكه خمسُ أذرعِِ من بوص مبروم. والقواعد من نحاسِِ (19) وجميع آنية المسكن في كل خدمته وجميع أوتادهِ وأوتاد السرادق (الاسوار) من نحاسِِ.

(7) سور الخيمة: وسور الخيمةِ مستطيل الشكل وهو من جهةِ مهبِ الجنوبِ ستارة من كتان مبروم طولها مئةِ ذراعِِ وأعمدتها عشرون وقواعدها عشرون. وستارة السور من جهةِ الغربِ طولها خمسون ذراعاََ وأعمدتها عشرة وقواعدها عشر ومن جهةِ الشِمالِ طول الستارة مئة ذراع وأعمدتها عشرون وقواعدها عشرون. وعرض السور من جهةِ الشرقِ خمسون ذراعاََ, وفيهِ ستارة طولها خمسَ عشرةَ ذراعاََ للجانبِ الواحدِ وأعمدتها ثلاثةُُ وقواعدها ثلاثةُُ وللجانبِ الاخرِ ستارةُُ طولها خمسَ عشرةَ ذراعاََ وأعمدتها ثلاثةُُ وقواعدها ثلاثة وباب السورِ ستارةُُ من الكتانِ الابيضِ طولها عشرونَ ذراعاََ مُطرزةََ بإسمنجوني والأُرجوانِِ وصبغِ القرمِزِِ وهي معلقة على أربعةِ أعمدة وقواعدها أربع.

وستائر السورِ جميعها من كتان أبيض مبروم. وأعمدة السور هي ستون عموداََ جميعها لم يُذكر نوع مادةِ صنعها ولكن لكلِ عمود قاعدة واحدة من نحاس ولها جميعاََ أطواق من فضةِِ وعقاقيفها من فضة أيضاََ. وإرتفاع السور خمسةُ أذرع على محيطهِ.

سورُ الخيمةِ حولها يمنعُ أي شخص من دخولِ ساحةِ الخيمةِ الخارجيةِ إلا عن طريقِ بابها الوحيد الذي هو في جهةِ الشرقِ. ولجميع أعمدتها قواعد من نحاسِِ وأطواقِِ من فضة أي في الخارج يوجد كلُ الأُممِ وهم جميعاََ تحت الدينونةِ والهلاكِ ( قواعد النحاس) وفي نفس الوقت يطلُ فوقَ روؤسهم الفداءُ (أطواق الفضةِ). والخيمة هي خيمةُ كهنوت (الكتان الابيض المبروم حولها) والدخولِ الى داخِلِ الخيمةِ مشروطُُ بدخولها من مدخلها الوحيد من جهةِ الشرقِ وخِلال ستارة من كتان ابيض مبروم مطرز بألإسمنجوني وألأُرجوانِِ وصبغَ القرمزِ معلقة على أربعةِ أعمدة. أي إن المدخل هو كاهنُُ ملكُُ سماويُُ فادي دمَهُ يلطِخُ المدخل, ليمنع الملائكة من إهلاكِ من يحتمي بهِ أي من قَبِلَ بفدائِهِ.(تذكروا كيفَ أهلك المهلك أبكار المصريين وأما أبكار الإسرائيلين فلم يُهلِكَهُم بسَبَبِ الدم الذي لَطَخَ قوائِمَ أبوابَهُم). والدخول من بين الاعمدة الاربعة أي للإسرائليين والداخلين فيما بينهم من جميعِ الاممِ, أي لجميع الاممِ من أركانِ الارضِ الاربع. (أربع فتحاتِِ بين الاعمدة). والبابُ من جهةِ الشرقِ لأن المسيح صُلِبَ ووجهَهُ بإتجاهِ الشرقِ أي بإتجاهِ أُورشليم والهيكلِ وللجميع بدون إستثناءِِ.

والأعمدة تُمَثل حالةَ البشرِ في الخارج فالقاعدة تُمَثلُ حالَهُم وما هُم فيهِ والاطواقِ والعقاقيف تمثلُ ما يمكِنَهُم الحصول عليهِ. فهنا أعمدة السور تقول إن الأُممَ في الخارج هم تحت الدينونةِ والهلاكِ ويُمكِنَهُم الحصول على الفداءِ. وجميعُ أوتادِ السورِ من النحاسِ للدلالةِ على إن جميع من هُم في الخارجِ وحتى الارض تحت الدينونةِ واللعنةِ والهلاكِ. (..فملعونةُُ الارضُ بسبَبِكَ ...[تكوين (3 - 19)]).

(8) المسكن (القـدس وقـدس الاقـداسِ)

الخروج (26 – 15): واصنع الواحاََ للمسكن من خشب السنط قائمةََ (16) عشرُ أذرعِِ طول كل لوحِِ وذراعُُ ونصفُُ عرضهُ
(17) ولتكن للوح منها رجلانِ متقابلتان إحداهما بإزآءِ الاخرى. كذلك تصنع لجميعِ الواح المسكن (18) وتصنع الالواح للمسكن عشرين لوحاََ جهة مهب الجنوبِ (19) وتصنع أربعين قاعدة من فضةِِ تحت العشرين لوحاََ قاعدتين قاعدتين تحت كل لوح لرجليهِ (20) ولجانب المسكن الثاني من جهة الشمالِ تصنع عشرينَ لوحاََ (21) وأربعينَ قاعدةََ من فضة قاعدتين قاعدتين تحت كل لوحِِ (22) وفي مؤخر المسكن جهة الغربِ تصنع ستة الواح (23) ولوحين تصنعهما في زاويتي المسكن في المؤخرِ
(24) ويكونان مزدوجين من أسفل على السواء الى أعلاهما الى الحلقة الاولى. كذلك يكونان كلاهما للزاويتينِ (25) فهناك ثمانية الواحِِ قواعدها من فضة ست عشرة قاعدة قاعدتان قاعدتان تحت كل لوح. (26) وتصنع عوارضَ من خشب السنط خمساََ لالواح الجانب الواحد من المسكن (27) وخمس عوارض لالواح الجانب الاخر من المسكن وخمس عوارضَ لالواح جانب المسكن في المؤخرِ جهة الغربِ (28) والعارضة الوسطى في وسطِ الالواحِ نافذةُُ من الطرفِ الى الطرفِ. (29) وتغشي الالواحَ بذهبِِ وحلقها تصنعها من ذهب مكاناََ للعوارضِ وتغشي العوارضَ بذهبِِ. (30) وانصب المسكن بهيئته التي أُريتها في الجبل.

(8) المسكن (القدس وقدس الاقداسِ): الواح المسكن من خشَبِ السنطِ قائمةََ طولُ كُلِ لوحِِ عشرُ أذرعِِ وعرضُهُ ذراعُُ ونصفُُ ولكُلِ لوحِِ رِجلانِ متقابلتانِ إحداهُما بإزاءِ الاخرى. والواح المسكن عشرين لوحاََ جهةِ مهبِ الجنوبِ ولها أربعين قاعدةََ من فضةِِ قاعدتين قاعدتين تحتَ كُلِ لوحِِ لرِجليهِ. ومن جهةِ الشمالِ عشرين لوحاََ وأربعين قاعدةََ من فضةِِ قاعدتين قاعدتين تحتَ كُلِ لوحِِ. وفي مؤخرِ المسكنِ جهةِ الغربِ ستةَ الواحِِ, ولوحينِ في زاويتي المسكن في المؤخَرِ مُزدوجينِ من أسفل على السواءِ الى أعلاهما الى الحلقةِ الاولى, أي هناك ثمانيةِ الواحِِ قواعدها من فضةِِ ستَ عشرةَ قاعدةََ قاعدتان قاعدتانِ تحت كلِ لوحِِ. وجميع الالواح مغشية بالذهبِ الخالصِ.

ولجوانبِ المسكن الشمالي والجنوبي والغربي خمسةُ عوارض من خشَبِ السنطِ مغشية بالذهبِ. العارضةُ الوسطى في وسطِ الالواحِ نافذةُُ من الطرفِ الى الطرفِ. والعوارض الاربعة الاخرى تُدَخَلُ في حلقاتِِ من ذهب مثبةََ على الألواحِ. والمسكن نُصِبَ بهيئتهِ التي رآها موسى في الجبلِ.

وهناك حجاباّّ من كتانِِ ابيضِِ مبروم منسوج بالإسمنجوني والأُرجوانِ وصبغِ القرمزِ وعليهِ كروبينِ معلق على أربعةِ أعمدةِِ من سنطِِ مغشاةِِ بالذهبِ وعقاقيفها من ذهبِِ ولها أربعُ قواعدِِ من فضةِِ والحجابُ موضوعُُ تحتَ الأشظةِ الذهبيةِ للغطاءِ الذي يفصِلُ بين القدسِ وقدسِ الاقداسِ.

ولبابِ الخيمةِ (بابِ القدسِ) ستارة من كتان أبيض مبروم مُطرزة بإسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغِ قرمزِِ ومعلقة على خمسةِ أعمدة من سنطِِ مغشيةِِ بالذهبِ وعقاقيفها من ذهبِِ وقواعدها خمسُُ من نحاسِِ.  

وهنا سنتكلَمُ عن الالواحِ أولاََ ثُمَ العوارضِ ثُمَ أعمدةِ بابِ الخيمةِ (بابِ القدسِ) ثُمَ ستارةِ بابِ القُدسِ ثُمَ أعمدةِ باب قُدسِ الاقداسِ والحجابِ الذي عليها.

 (أ) الواح المسكن: إن الواحَ المسكنِ (الخيمةِ) مصنوعةُُ من خشَبِ السنطِ أي إن الذي تُمَثِلَهُ قد إنقطَعَ عن سُبلِ الحياةِ إلا أنهُ مغشي بالذهبِ أي بالبرِ الإلهي ليبقى الى الابدِ. ولكل لوح قاعدتان من فضةِِ متقابلتانِ الواحدةِ بإزاءِ الأُخرى ولو إنتبهنا قليلاََ نجد إن للاعمدة في داخلِ الخيمةِ وخارجها قاعدة واحدة, أما الالواح فلها قاعدتانِ فلماذا لم تكن قاعدة واحدة هنا أيضاََ ؟؟ والجواب سهلُُ جداََ لأنها لبَشرِِ أي لإنسانِِ مثلنا, فالإنسان هو الوحيد الذي يقِف على قدمين (قاعدتين) وهنا طبعاََ لا يستطيع أي إنسان أن يَقِفَ في القدسِ أو في قدسِ الاقداسِ أمامَ الخالق القدوس إلا إذا كانَ مشمولاََ بالبرِ الإلهي وأن يكونَ مفدياََ بدمِ إبن الله. ولذا كان للوحِ قاعدتانِ من فضةِِ, أي يَقِفُ أمامَ الخالقِ على أساسِ فداءِ ودَمِ إبن الله السيد المسيح. أي أن يكون من دونِ خطيئةِِ فالخاطيء لا يستطيع الوقوفَ أمامَ الخالِق القدوس ويعيش بل يموت ويُرمى في جهنم النارِ.

وقد قالَ داؤد الملك في سترِ خطيئةِ الخاطيء في:

المزمور (32 - 1): طوبى للذي غُفِرَ إثمُهُ وسُتِرَت خطيئَتُهُ. طوبى لرجُلِ لا يحسِبُ له الربُ خطيئةََ ولا في روحِهِ غِشُُ.

ونرى لماذا هو غير ممكن للخاطيء الوقوفِ أمام الخالقِ في:

الخروج (33 - 18): قال (موسى) أرني مجدكَ (19) قال أنا أُجيزُ جميعَ جودتي أمامكَ وأُنادي بإسمِ الربِ قُدامَكَ وأصفَحُ عمن أصفَحُ وأرحُمُ من أرحَمُ (20) وقالَ أما وجهي فلا تستطيعُ أن تَراهُ لأنهُ لا يراني إنسانُُ ويعيشَ. (21) وقالَ الربُ هوذا عِندي موضِعُُ . قِف على الصخرةِ (22) ويكونَ إذا مَرَ مجدي أني أجعلُكَ في نُقرِ الصخرةِ وأُظَلِلُكَ بيدي حتى أجتازَ (23) ثُم أُزيلُ يدي فتنظُرُ قفايَ وأما وجهي فلا يُرى.

فإن كان موسى الذي نالَ حظوةََ عند الله لم يستطيع أن يرى وجههُ فمن يستطيع؟

فلا يُمكن أن يقفَ أمام الخالِقِ ويرى وجههُ أحدُُ لأنهم خُطاة وليس فيهم صالِحُُ. وفضة الفداءِ أُخِذت من كلِ من جازَ عليهِ العَدَدُ من بني إسرائيل من إبن عشرين سنةِِ فصاعداََ. وكان على كُلِ واحِدِِ نصف مِثقالِِ بمثقالِ القُدسِ الفقيرُ لا يُقِل والغني لا يُكثِرُ. ومنها صُنِعَت قواعِد الالواح وقواعد أعمدةِ الحجابِ وكانت مئةُ قاعدة, وكذلك عقاقيف العُمدِ وأغشيةِ رؤوسها وأطواقها. فنرى إن فداءَ إبن الله متساوي لجميع البشر لا فرق بين غني أو فقير عِندهُ ولجميع البشر وبدون أي إستثناء.

ولقد كان عرض اللوح ذراع ونصف أي نفس عرض تابوت العهد, وهو لبشرِِ كما كان عرض التابوت لبشرِِ مثلنا أي للذي شاركنا إنسانيتنا وأصبح تحت نير الناموس واللعنة.

ونُلاحِظ إنهُ لا يوجدُ شيءُُ على رأسِ اللوحِ سوى إنه مغشيءُُ بالذهبِ أي إنَ المؤمنَ قد غُفِرت خطاياهُ وغُشي بالبرِ الالهي وهو يقفُ أمامَ الله على أساسِ فِداءِ إبنه. أي إنَهُ قد نالَ الحياةَ الابدية بِفِداءِ ودَمِ المسيح إبن الله. فالذهب أعطاهُ الحياةَ الابدية وإن كان لا حياة فيهِ في ذاتهِ. [يوحنا (6 - 54): ......... فلا حياةَ لكُم في أنفُسِكُم]. والحلقاة الذهبية الاربعة على كُلِ لوحِِ تُبين إن الرابطة بين المؤمنين هي رابطة الآهية قُدسية.

وأما كونِ الالواح لبَشَرِِ فنرى ذلك في:

كورنتس الاولى (3 - 16): أما تعلمونَ أنكُم هيكَلُ اللهِ وأن روحَ اللهِ مُستَقِرُُ فيكُم (17) من يُفسِد هيكلَ اللهِ يُفسِدهُ اللهُ لأنَ هيكلَ اللهِ مُقَدَسُُ وهو أنتُم.

كوزنتس الثانية (6 - 16): ...  فإنكُم هيكلُ اللهِ الحيِ كما قال اللهُ إني سأسكنُ فيهِم وأسيرُ فيما بينُهم وأكونُ لهُمُ إلهاََ وهُم يكونونَ لى شَعباََ.

وفي: الررؤيا (3 - 12): من غَلَبَ فإني أَجعلَهُ عموداََ في هيكلِ إلهي فلا يعودُ يخرُجُ وأكتِبُ عليهِ إسمَ الهي وإسم مدينةِ الهي أُورشليم الجديدةِ النازلةِ من السماءِ من عندِ الهي وإسمي الجديد.

وفي: بطرس الاولى (2 - 5): وكونوا أنتُم أيضاََ مبنيين كالحجارةِ الحيةِ بيتاََ روحياََ وكهنوتاََ مُقَدساََ لإصعادِ ذَبائحَ روحية مقبولةََ لدى الله بيسوع المسيحِ. ......... (9) وأما أنتُم فجيلُُ مُختارُُ وكهنوت ملوكي وأُمة مُقَدسَةُُ وشَعبُُ مُقتَنَى لِتُخبِروا بفضائلَ الذي دعاكُم من الظلمةِ الى نُورهِ العجيبِ.

(ب) العوارض: العوارض من خشبِ السنطِ أي قد إنقطع عن سُبل الحياةِ فغشيه الذهبِ أي غشيهُ البرُ الالهي. والعوارضُ خمسُُ لِكل جانبِِ من جوانبِ البيتِ , جهةِ الجنوبِ والغربِ والشمالِ. إربعة منها تُدَخَل في الحلقاتِ الذهبية التي على الالواحِ فيصيرُ البيت واحِداََ. وأما العارضة الخامسة اي الوسطى فَتَنفُذ في وسطِ الالواحِ من الطرفِ الى الطرَفٍِ. فتجعَلُ من البيتِ قطعةِِ واحدةِِ.

العوارض الاربعة الخارجية تُمثِلُ أطراف الصليب الاربعة وهي تُمثِلُ أساسات الفداءِ الا وهي أولاََ وقبلَ كُل شيء المحبة ثُم التواضع ثُم الوداعةِ ثُم الأناةِ. وأما العارضةِ الوسطى النافذةِ من الطرفِ الى الطرفِ في وسطِ الالواحِ فهي تُمَثِلُ رابطةَ السلامِ.

فنرى ذلك واضحاََ في كلامِ السيد المسيح في:

يوحنا (17 - 20): ولستُ أسالُ من أجلِ هولاءِ فقط بل أيضاََ من أجلِ الذين يُؤمنون بي عن كلامهم (21) ليكونوا بأجمعِهِم واحداََ كما إنكَ أنت أيُها الابُ فيَ وأنا فيكَ ليكونوا هُم أيضاََ واحداََ فينا حتى يؤمن العالم أنكَ أنتَ أرسلتني (22) وأنا قد أعطيتُ لهمُ المجدَ الذي أعطيتهُ لى ليكونوا واحداََ كما نحنُ واحِدُُ (23) أنا فيهم وأنت فيَ ليكونوا مكملين في الوحدةِ حتى يعلم العالمُ أنكَ أنت أرسلتني وأنكَ أحببتَهُم كما أحببتني.

وفي: يوحنا (14 - 26): وأما المُعَزي الروحُ القُدسِ الذي سَيُرسِلُهُ الابُ بإسمي فهو يُعَلِمكُم كُلَ شيءِِ ويذكركُم كُلَ ما قُلتُهُ لكُم
(27) السلامُ أستودِعَكُم سلامي أُعطيكُم. لستُ كما يُعطي العالم أُعطي أنا.

وفي: أفسس (4 - 1): ........ أن تسلكوا كما يحِقُ للدعوةِ التي دُعيتُم بها (2) بكلِ تواضعِِ ووداعةِِ وأناةِِ مُحتملين بعضُكُم بعضاََ بالمحبةِ (3) ومجتهدين في حِفظِ وحدةِ الروحِ برباطِ السلامِ. (4) فإنكُم جسدُُ واحدُُ وروحُُ واحِدُُ كما دُعيتُم الى رجاءِ دعوتِكُم الواحد (5) وولجميعِ ربُُ واحد وإيمانُُ واحد ومعموديةُُ واحدةُُ (6) وإلهُُ واحدُُ وأبُُ واحدُُ هو فوقَ الجميعِ ومعَ الجميعِ وفي جميعِكُم.

وفي: كولسي (3 - 13): فالبسوا كمُختاري الله القديسينَ المحبوبينَ أحشاءِ الرحمةِ واللطفِ والتواضع والوداعةِ والاناةِ ....
(14) وفوقَ جميع هذهِ البسوا المحبةَ التي هي رباطُ الكمالِ (15) وليتغَلَبُ في قلوبِكُم سلامُ المسيحِ السلامُ الذي اليهِ دُعيتُم في جسَدِِ واحدِِ وكونوا شاكرين.

(ج) أعمدة بابِ الخيمةِ وستارةُ القدسِ

الخروج (26 – 36): وتصنع ستاراََ لباب الخيمةِ (بابِ القدسِ) من إسمنجوني وأُرجوان وصبغ قرمز وبوص مبروم صنعة الطرازِ (37) وتصنعُ للستارة خمسة أعمدةِِ من سنط وتغشيها بذهبِِ وتكون عقاقيفها (رززها) من ذهبِِ وتسبكُ لها خمس قواعد من نحاسِِ.

(ج) أعمدة بابِ الخيمةِ وستارةُ القدسِ: ستارةُ بابِ الخيمةِ أي باب القدسِ الى الخارجِ مصنوعةََ من كتانِِ أبيض مبروم مُطَرز بإسمنجوني وأُرجوانِِ وصُبغِ قرمِزِِ. ومعلقة على خمسَةِ أعمدة من سنطِِ مغشي بالذهبِ وعقاقيفُها من ذهبِِ وقواعِدُها من نحاسِِ.

أعمدةُ الستارةِ غير مثَبَةَ بإحكامِِ مع حوائِط البيت, فلا يوجد ما يدلُ الى ذلك ولكنَهَا واقفةََ بثبات في موقِعِها لتحمل الستارةَ. للدلالَةِ على إن وجودها في موقِعها وقتي أي يزولُ بزوالِ البشريةِ من على الارضِ أي الى وقت قيام الدينونةِ الثانيةِ. والاعمدة من خشبِ السنطِ مغشية بالذهبِ, أي إنها إنقطعت عن سُبلِ الحياةِ فغشِيها البرُ الالهي لتبقى الى الابدِ. قواعد الاعمدة من نحاسِِ وعقاقيفها من ذهبِِ. أي إن جميعَ الناس من الذين في الخارج في ساحةِ الدارِ الخارجيةِ لا زالوا تحتَ الدينونةِ والهلاكِ (قواعد النحاسِ) ولسبَبِِ واحدِِ إن لا صالح ولا واحِدُُ من بني البشرِ وهُم تحت ناموس الوصايا. إلا إنَ بإمكانهم الحصول على الحياة الابديةِ والبر الالهي إذا دخلوا من خلالِ الستارة وعبروا الى القُدسِ من أربعةِ مداخلِِِِ تُشَكِلُها الاعمدةُ الخمسةُ. وهذِهِ المداخل تُمَثِلُ أركانَ الارضِ الأربعةِ.

والستارة من كتانِِ أبيضِِ مبرومِِ ومُطرز بِإسمنجوني وأُرجوان وصبغِ القرمزِ. أي إنها مُلَطَخَةَ بِدَمِ ملكِِ كاهِنِِ سماوي يدخُلها من يقبل بِفِداءهِ أي بفداءِ يسوع المسيح إبن الله من الذين في الساحَةِ الخارجيةِ. وأيضاََ من آمنَ بفِدائهِ أي الذي قدمَ رمزَ فدائِهِ على مذبحِ المحرقَةِ الذي في الخارجِ. والدخول ممكِن للبَشرِ كافة ومن أركانِ الارضِ الاربعةِ.

(د) أعمدة وحِجابِ قُدسِ الاقداسِ

الخروج (26 – 31): واصنع حجاباََ من إسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغ قرمز وبوص مبروم صنعة نساج حاذق يصنعهُ بكروبينَ
(32) وتجعلهُ على أربعة أعمدة من سنط مغشاةِِ ذهباََ عقاقيفها من ذهب ولها أربعة قواعد من فضة (33) وتجعل الحجاب تحت الاشظة وتدخل الى هناكَ داخل الحجاب تابوت الشهادة فيكون الحجاب لكم فاصلاََ بين القدس وقدس الاقداس. (34) وتجعل الغطاءَ على تابوت الشهادة في قدس الاقداس (35) وتقيم المائدة خارج الحجاب والمنارة تجاهها الى الجانب الجنوبي من المسكن والمائدة تجعلها الى الجانب الشمالي.

(د) أعمدة وحِجابِ قُدسِ الاقداسِ: إن حجابَ قُدسِ الاقداسِ منسوجُُ من إسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغِ قرمزِِ وكتانِِ مبرومِِ بكروبين. ومُعلقُُ على أربعةِ أعمدةِِ من خشَبِ السنطِ المغشي بالذهبِ, وقواعد الاعمدةِ من فِضةِِ أما عقاقيف الاعمدة فمن ذهبِِ. ومكان الحجابِ تحت الأشظةِ الذهبيةِ وتفصل بين القدسِ وقدسِ الاقداسِ.

أولاََ نسأل : لماذا وضِعَ الحجاب تحت الاشظةِ الذهبيةِ والنحاسية التي فوقها مباشرةََ؟

ثانياّّ : لماذا سُمِيَ حجاباََ وليس ستارة كما في بابِ القدسِ وبابِ سور الخيمةِ الخارجي؟

ثالثاََ : لماذا الكروبينَ على الحجابِ ولما هو منسوج وليس مطرز؟

إن ألاعمدةَ الاربعة التي تحملُ الحجابَ مصنوعةََ من خشَبِ السنطِ ومغشية بالذهبِ أي إنها قد إنقطعت عن سبلِ الحياةِ فغشيها البرُ الإلهي. ولكل عمود قاعدة واحدة من الفِضةِ ولهُ عقاقيف من ذهبِِ. أي إن المؤمنين الذين في القدسِ هُم مفديون وقائمون في القدسِ على أساسِ الفداءِ (قاعدةِ الفضةِ) وبإمكانهم الحصول على الحياةِ الابديةِ (عقاقيف الذهبِ) ولكنهم لا يتمكنون من الدخولِ الى حضرةِ الخالقِ ما دامَ الحجاب موجوداََ حيثُ إن الكروبينَ يمنعونهم من الدخول ما داموا مكلفين بحراسة الطريق المؤديةِ الى قُدسِ الاقداسِ. وذلك واضح من:

تكوين (3 - 24): فَطَردَ (الله) آدمَ وأقامَ شرقي جنةِ عدنِِ الكروبينَ وبريقَ سيفِِ متقلبِِ لحِراسةِ طريقِ شجرةِ الحياةِ.

أي قد أقام الربُ الكروبينَ وكلفهم بحراسةِ قُدسِ الاقداسِ ومنعِ من يحاول الدخول كائن من كان الى الاقداسِ السماويةِ. وحتى هرون لم يكن مسموحاََ لهُ بالدخولِ الى قُدسِ الاقداسِ الا مرة واحدةََ في السنةِ يوم الكفارةِ وبدمِ ذبائحِ الخطيئةِ التي يُقَدِمُهَا عن نفسِهِ وعن الشعبِ. ويٌقدمُ ملءَ راحتهِ بخوراََ عطراََ على مذبحِ البخورِ في نفسِ الوقتِ. (لا 16 -14).

فالحجاب سُميَ حجاباََ لأنهُ يحجُبَ رؤية البشر للهيكل السماوي ويمنَعهُم من رؤيةِ وجهِ الخالقِ المتجلي في هيكلهِ السماوي أو الاقترابِ منهُ للدخولِ في حضرتِهِ.

وقد كان الحجابُ منسوجاََ من إسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغِ قرمزِِ وكتانِِ أبيضِِ مبرومِِ بكروبينَ ومعنى ذلك إن الحجاب من السماءِ ولملكِِ فادي كاهنِِ, وإن الكروبينَ نُسجوا على الحجابِ للدلالةِ على إنهمُ جزءُُ منهُ وظيفتهُم حماية طريقَ الاقداسِ السماويةِ.

ولقد كانت الاعمدة أربعةُُ وبوجودها معاََ تُألِفُ ثلاثةِ مداخلِِ للدخولِ الى قُدسِ الاقداسِ وقد عُلِقَ الحجابُ عليها. والمداخِل الثلاثة تُمثِلُ الله نفسهُ الاب والابن والروح القدس فالمدخل والحجابِ كونت المَمر الى قدسِ الاقداسِ.

ولِهذا قالَ المسيح في: يوحنا (14 - 6): أنا الطريقُ والحقُ والحياةُ. لا يأتي أحدُُ الى الابِ إلا بي.

ولكي يسمح الله للمؤمنينَ الذين قَبِلوا بفداءِ إبنهِ المسيح أن يدخلوا الى قُدسِ الاقداسِ وجَبَ إنهاءُ مهمةِ الكروبينَ, وذلِكَ بِإنهاءِ سَبَبِ المهمةِ ذاتها. فلما كانت مهمةُ الكروبينَ منع الخطاةِ (بني آدم) من دخولِ الاقداسِ السماويةِ, وجبَ إزالةِ خطاياهُم وسَترِهَا أي فِدائِها, أي وجَبَ تقديمُ الابن الموعودِ بهِ لإستكمالِ متطلباتِ العدلِ الالهي. وهنا قدمَ الابُ إبنَهُ عن المؤمنين وفداهُم بصلبهِ وموتِهِ على الصليبِ عوضاََ عنهم. وهذا ما نراهُ في:

متى (27 - 50): وصَرخَ يسوعُ بصوتِِ عظيمِِ وأسلَمَ الروحَ (51) وإذا حجابُ الهيكل قد إنشَقَ الى إثنينِ من فوقِِ الى أسفلِِ والارضُ تزلزلت والصخورُ تشَقَقَت.

وفي: لوقا (23 - 45): وإظلمت الشمسُ وإنشَقَ حجابُ الهيكلِ من وسطِهِ (46) ونادى يسوعُ بصوتِِ عظيمِِ قائلاََ يا أبتِ في يديكَ أستودِعُ روحي. ولما قالَ هذا أسلَمَ الروحَ.

فههنا إنشقَ الحجابُ من منتصفِهِ ليسمح للمؤمنين من الدخولِ الى الاقداسِ السماويةِ منهياََ بِذلِكَ مهمةِ الكروبين وبهذا يعودُ المؤمنون الى حضرةِ خالِقِهِم ثانيةََ وينعموا برضاهُ بعد أن سُتِرت خطاياهُم بدمِ ابن الله.

والان لماذا وضِعَ الحجاب تحت الاشظة الذهبيةِ والنحاسية التي فوقها مباشرةََ ؟

هنا وجبَ علينا أن نفهم ماذا يحصل للخيمةِ عندَ وضعِ الحجابِ تحت الاشظةِ الذهبيةِ والنحاسية التي فوقها مباشرة أي كيف تُقَسَمُ الخيمة. فعرض البيت جهة الغرب ستة الواح وفي كل من الجانبين لوحُُ مُزدوجُُ ويكون المجموع ثمانية الواح, فنحنُ نتوقعُ أن يكون قُدس الاقداسِ مربعُُ وأن يكون بطولِ ثمانيةِ الواحِِ, ولكن الحال ليس كذلك. فوضع الحجابِ تحت الاشظةِ جعل طول قدس الاقداسِ من جهةِ الشمالِ وكذلك في جهة الجنوب سبعَةُ الواح وفي القدس جهة الشمال وكذلك الجنوب ثلاثة عشر لوحاََ, فما الذي حصل هنا؟ وما دلالة ذلك؟

بما أن الالواحَ تُمثِلُ بشراََ فيجب علينا أن نعرف من موجود في الهيكل القدسي, وعند ذلك نفهم الذي حصلَ بهذا التقسيم. فنذهب الى:

الرؤيا (4 - 2): وللوقتِ صِرتُ في الروحِ فإذا بعرشِِ موضوعِِ في السماءِ وعلى العرشِ جالِسُُ (3) ...... (4) وحول العرشِ أربعةُُ وعشرونَ عرشاََ وعلى العروشِ اربعةُُ وعشرونَ شيخاََ جلوساََ لابسين ثياباََ بيضاََ وعلى رؤوسِهِم أكاليلُ من ذهبِِ.

وفي: زكريا (4 - 2): وقالَ لي (الملاك) ماذا أنتَ راءِِ فقُلتُ إني رأيتُ بمنارةِِ كلها ذهبُُ وكوبها على رأسها وعليها سبعةُ سُرُجِِ وسبعةُ مساكِبِِ للسُرجِ التي على رأسها (3) وعليها زيتونتانِ إحداهما عن يمين الكوبِ والاخرى عن يسارهِ (4) وأجبتُ وقُلتُ للملاكِ المُتَكَلِمِ معي ما هذهِ يا سيدي. (5)......... (11) وأجبتُ وقُلتُ ما هاتانِ الزيتونتانِ على يمينِ المنارةِ وعلى يسارها.
(12) ثُم أجبتُ ثانيةََ وقلتُ لهُ ما غُصنا الزيتونِ اللذانِ يُصبان زيتهما الذهبي في الانبوبين الذهبين. (13) فكلمني قائلاََ ألم تعلم ما هاذانِ فقُلتُ لا يا سيدي. (14) فقالَ هاذانِ هُما إبنا الزيتِ الواقفانِ لدى ربِ الارضِ كُلِها.

وطبعاََ إبنا الزيتِ هُما إيليا وأخنوخ الذين نقلهما الله الى السماءِ. وهُما الشاهدين الذين يُرسِلهُما الله الى البشَرِ في آخِرِ الزمانِ للشهادة لهُم اولاََ وعليهُم ثانياََ قبل نهايةِ العالمِ.

فقد رأينا أن الذين حول العرشِ السماوي هم ألاربعة والعشرون شيخاََ, ويقفُ أمامهُ الشاهدانِ. أي إن عددهُم هو ستةُُ وعشرون, وعدد الالواح في القدس أيضاََ ستة وعشرون.

والالواح الستة والعشرون تُمثِل المختارين من كنائس الله السبعة لِتَكوين حوائط القدس بترابطها مع بعضها البعض ومع الواحِ وحوائط قدسِ الاقداسِ. وهي تمثل الرسل والانبياء كما جاء ذلك في:

أفسس (2 - 11): فلذلكَ تذكروا أنتُم الذين كانوا حيناََ أُمماََ في الجسد مدعوين قُلفاََ من الذين يُدعونَ ختاناََ في الجسدِ من عملِ اليدِ (12) أنكم كنتُم حينئذِِ بغيرِ مسيحِِ أجنبينَ عن رعوية إسرائيل وغُرباء عن عهودِ الموعدِ بِلا رجاءِِ وبِلا إلهِِ في العالمِ
(13) أما الان فأنتُم الذين كانوا حيناََ بعيدينَ قد صرتُم في المسيح قريبين بدمِ المسيح (14) لأنهُ هو سلامنا هو جعلَ الإثنين واحداََ ونقضَ في جسدهِ حائط السياج الحاجز أي العداوةَ (15) وأبطل ناموس الوصايا بتعاليمهِ ليخلُقَ الاثنين في نفسهِ إنساناََ واحداََ جديداََ بإجرائِهِ السلام (16) ويُصالح كليهما في جسدِِ واحد مع اللهِ بالصليبِ بقتلِهِ العداوةِ في نفسِهِ (17) وجاء وبشَركُم بالسلامِ أنتُم البعيدينَ وبشَرَ بالسلامِ القريبينَ (18) لأن بهِ لنا كِلينا التوصل الى الابِ في روحِِ واحدِِ (19) فلستُم إذن غُرباءَ بعدُ ولا دُخلاءَ بل أنتُم رعيةُُ مع القديسين وأهلُ بيتِ اللهِ (20) وقد بُنيتُم على أساسِ الرسلِ والانبياءِ وحجر الزاوية هو المسيح يسوعُ (21) الذي فيهِ يُنسَقُ البنيانُ كُلُهُ فينمو هيكلاََ مُقدساََ في الربِ (22) وفيهِ أنتُم أيضاََ تبنونَ معاََ مسكناََ للهِ في الروحِ.

وبهذا التقسيم يكون طول قدسِ الاقداس في جهةِ الشمالِ وكذلك جهةِ الجنوبِ سبعة الواح أي إن مجموع الالواح في قدس الاقداس هو إثنان وعشرون لوحاََ وهذا هو نفس عدد العُجرِ والازهارِ الموجودةِ على المنارةِ الذهبيةِ التي تُمثل كنائس الله السبعة في العالم (وهي ثلاثة في كلِِ من الشعبِ الطرفية وأربع في الساقِ الرئيسيةِ أي ما مجموعهُ إثنان وعشرون عجرةِِ بزهرة).

(9) أغطيةِ الخيمةِ

الخروج (26 – 1): واصنع المسكن عشر شققِِ من بوص مبروم وإسمنجوني وأُرجوان وصبغِ قرمزِِ بكروبين صنعة نساجِِ حاذق تصنعها (2) طول كل شقةِِ ثمان وعشرون ذراعاََ في عرضِ أربعِ أذرعِِ. قياس واحدُُ لجميع الشققِ (3) خمسُ شقق تكون موصولة بعضها ببعض والخمس الشقق الاخرى تكون موصولة بعضها ببعضِِ (4) واصنع عري من إسمنجوني لحاشية الشقة الطرفية من الموصل الواحدِ وكذلك تصنع لحاشية الشقة الطرفية من الموصل الثاني (5) خمسين عروة تصنع للشقة الواحدة وخمسين عروة لطرف الشقة الطرفية من الموصل الثاني ولتكن العري متقابلة إحداها الى الاخرى (6) واصنع خمسين شظاظاََ من ذهب وضم الشقتين الواحدة الى الاخرى بالاشظةِ فيصير المسكن واحداََ (7) واصنع شققاََ من شعرِ مِعزى خيمة فوقَ المسكن إحدى عشرةَ شُقةََ تصنعها (8) طول كل شقة ثلاثون ذراعاََ في عرضِ أربعِ أذرع قياسُُ واحد للاحدى عشرةَ شُقةََ (9) وتضم خمس شقق على حدة وست شُقق على حدةِِ وتثني الشقة السادسة في وجه الخيمة (10) وتصنع خمسين عروة على حاشية الشقة المتطرفة من الموصل الواحد وخمسين عروة على حاشية الشقة من الموصل الثاني (11) وتصنع خمسين شظاظاََ من نحاس وتدخل الاشظة في العرى وتضُم الخيمة فتصير واحدة (12) والفاضل من شقق الخيمة تسبِلُهُ نصف الشقة الموصلة الفاضل يُسبلُ على مؤخر المسكنِ (13) والذراعُ من ههنا والذراعُ من هناك وهو الفاضل من طول شققِ الخيمة يكون مسبلاََ على جانبي المسكن من هنا ومن هُنا ليُغطيَهُ (14) واصنع غطاء للخيمة من جلود كباشِِ مصبوغةِِ بالحمرةِ. وغطاء من جلود تخس إسمنجونية من فوق.

(9) أغطيةِ الخيمةِ: مثَلَت اغطية الخيمةِ مراحل الخلاص المختلفة أي مراحل الخروجِ المختلفة, الخروج من تحت الدينونةِ والغضبِ والعودةِ ثانيةََ الى رضا الخالقِ والسكنِ معَهُ. ونبدأ بوصفِ الاغطية من فوق الى تحت بإتجاهِ قدسِ الاقداسِ.

(أ) غطاء جلودِ التخسِ (جلودِ الدلافين): غِطاء جلودِ التخس أي الدلافين لونه أزرق داكن مائل الى السوادِ. والدلافين خُلِقت قبل الانسان. وهذا معناهُ ان خطةِ الخلاصِ والفداءِ وضِعَت قبلَ خلقِ الانسان لأنَ الله سبحانهُ كانَ سابق العِلم بما سوف يفعلَهُ آدم وحواء. أي إن هذا الغِطاء مثَلَ مرحلة ما قبل السقوط.

 (ب) غِطاء جلود كِباشِِ مُحمرة: غطاء جلودِ الكباشِ المحمرة أي جلود الذبائح الرمزية التي إبتدأت بالذبيحةِ التي صنعَ اللهُ من جلدها أقمِصَةََ لتغطيةِ عورتي آدم وحواء أي لتغطية خطيئتَهُمَا. وقدمها بعد ذلك البشرُ إبتداءََ بذبيحةِ هابيل وإستمرت الى زمانِ إعطاءِ الوصايا وأحكام الشريعةِ لموسى على جبلِ سيناء. وكان رمزُها الكبشُ الذي أُعطي لإبراهيم والذي أصعدهُ بدلَ إبنه إسحق على جبل موريةِِ. وهذهِ الذبائح كانت تُقَدم لله كرمزِِ لذبيحةِ إبنهِ الموعودة. أي إن هذا الغطاء مَثَلَ ذبائح مرحلةِ السقوطِ والاستعباد للخطيئة.

(ج) غِطاء شعر المعزى المغزول: شعر المعزى عادةََ أسود اللون للدلالةِ على أن مُقَدِمَ الذبيحةِ حزينُُ ونادمُُ على خطيئتِهِ لإخلالهِ وتعديهِ على ناموسِ الوصايا وأحكامِ الشريعةِ. والغطاءُ يُمثِل ذبائح الخطايا والكفارةِ التي قُدمَت تلبيةََ لاحكامِ الناموس الملوكي الذي أعطاهُ الله لموسى ولبني البشرِ كافة ووافق بنيُ إسرائيل على العملَ بموجَبِهِ. أي الذبائح التي كانت ترمُز الى فداءِ المسيح. أي إن هذا الغِطاء مثَلَ مرحلةِ الناموس والعمل بأحكام الشريعةِ من زمانِ موسى ولغاية مجيء السيد المسيح وفداء إبن الله للبشرِ وإعطائهِم مرحلةََ وطريقةََ سهلةََ جديدةََ للخلاصِ.

وكان هذا الغطاء مكونِِ من أحد عشر شُقةِِ (أي قطعة) بطولِ ثلاثين ذراع وعرضِ أربعةِ أذرعِِ, وصِلَت الشقق الستة الاولى ببعضها البعضِ بحيث أصبحت قطعةََ واحدة, ووصِلَت الشقق الخمس الباقية ببعضِها البعضِ بحيث أصبحت قطعةََ واحدةََ أيضاََ, ثُم وضِعَ خمسونَ عروةِِ من نفسِ مادةِ ولونِ الغطاءِ على جانبِ القطعةِ الاولى وعلى الجانبِ المقابلِ من القطعةِ الثانيةِ كذلك, وكانت العري متقابلة ووصِلت القطعتين ببعضهما البعضِ بواسطةِ خمسون شظاظاََ من نُحاسِِ فصارَت الخيمةُ واحدةََ. والشُقَةِ السادسة مثنية إلى ما يلي وجهَ الخيمةِ. ونصف الشقَةِ الموصلة الفاضل عن طولِ البيت مُسَبَلَة على مؤخَرِ المسكنِ (نصف الشقق الخمسة الموصولة ببعضها البعض). والذراعُ الفاضل من طولِ الشققِ عن شققِ الكتان مُسبلاََ على جانبي المسكنِ ليُغَطيهِ.

وأشظَةِ النحاسِ تَدُلُ على أن مُقدم الذبيحةِ العامل بالناموسِ لا زالَ تحتَ الدينونةِ التي تُلاحِقَهُ, لأن ذبيحتَهُ تُعطي غِطاءََ موقتاََ لخطيئتِهِ وهي ترمُزُ فقط الى ذبيحةِ إبن الله ولا زالَ مُطالباََ بقبولِ ذبيحةِ إبن الله وإعلانٍِ إيمانهِ بهِ. وكانت الاشظةِ النحاسية مباشرةََ فوقَ الاشظةِ الذهبيةِ لغطاءِ الكتانِ الذي تحتها.

 (د) غِطاء الكتان المنسوج: هذا المسكن مصنوع من عشرةِ شققِِ أي قطع, كل شقةِِ طولها ثمانِِ وعشرون ذراعاََ وعرضها أربعة أذرعِِ وكل خمسةِِ منها وصِلَت مع بعضها البعضِ بحيث أصبحت قطعةََ واحدةََ. وكل شقة من كتانِِ أبيضِِ منسوجُُ بأسمنجوني وأُرجوانِِ وصبغِ قرمزِِ وبكروبينَ. ثُم وضعَ خمسون عروة من إسمنجوني على جانبِ القطعةِ الاولى وأيضاََ خمسون عروةِِ على جانبِ القطعةِ الثانيةِ المقابلةِ لها. وكانت العري في الجانبين متقابلة, ووصلت القطعتينِ ببعضهِمَا البعضِ بواسطةِ خمسون شظاظاََ من ذهبِِ فصار المسكنُ واحداََ.

هذا المسكن هو مسكن كهنوت قد فُديَ بدمِ مَلِكِِ سماوي والكروبون يحرسونَهُ ولا يدخلَهُ أحدُُ إلا من الابوابِ التي بين الاعمدةِ ومن خِلالِ الحجابِ المشقوقِ الفاصل بين القدسِ وقدسِ الاقداسِ. أي إن الغطاء مثلَ مرحلةِ الفداءِ والخلاصِ بدم المسيح.

ونرى إن الكتاب يُسمي هذا الغطاء بالمسكن وغطاء شعر المعزى بالخيمةِ. وعندما يقول فصار المسكنُ واحداََ فهو يعني القُدسَ وقُدسَ الاقداسِ لأن الحجابِ تحت الأشظةِ الذهبيةِ وهو يفصِلُ بين القدسِ وقدسِ الاقداسِ, أي إن الله قد ربَطَ قدس الاقداسِ الذي يُمَثِل العرش السماوي وهو في السماءِ معَ القُدسِ والذي يُمثل كنائس الله السبعةِ وهو على الارضِ. ولما كانت العري إسمنجونية و ألاشظة ذهبية فيكون معنى ذلكَ إن الله ربطَ العرشَ السماوي بعريِِ سماويةِِ إلآهية بكنيستهِ على الارضِ. فأصبحت الملائكةُ تحرسَ كنيسةَ الله بفروعِها السبعةِ, أي كنيسةَ الله على ممر الزمن من وقتِ مجيء المسيح الاول لفداءِ البشرِ والى مجيئهِ الثاني في مجدهِ.

وقد ربط أيضاََ قدس الاقداس مع القدس في مرحلةِ الناموس (الاشظة النحاسية) بشرط العمل بأحكام الشريعةِ والوصايا العشرة وتقديم ذبائخ الخطايا التي كانت ترمز إلى ذبيحة الصليب والفداء , وسميت بالخيمة لأنها مثلت الخيمة التي كانت تنصب أثناء تنقل بني إسرائيل في صحراء سيناء والخيمة موقتة أما المسكن فهو ثابت. 

إن الله سبحانَهُ قد أوردَ تسلسل أغراض الخيمةِ ووصفها في كِتابهِ بطريقةِِ غير التي إتبعناها نحنُ في تفسيرنا: فقد إبتَدأ سبحانهُ أولاََ بوصفِ تابوتِ العهدِ وغِطاءهِ ثُم مائدةِ التقدمةِ ثُمَ المنارةِ الذهبيةِ. ثُمَ وصفَ ثانياََ الخيمةِ وأغطيتها وشكل حوائطِ الدارِ وأقسامٍ الدارِ أي القدس وقدس الاقداسِ. ثُم ثالثاََ وصفَ مذبح المحرقةِ. ثُمَ وصفَ رابعاََ سور الخيمةِ. ثُمَ خامساََ وصفَ ملابِسَ الكهنوتِ ثُمَ وصفَ سادساََ مذبحُ البخورِ المُذَهَبِ ونوع البخور المصعدِ عليهِ. ثُمَ سابعاََ طلبَ صنعَ مغتَسَلِ النحاسِ.

التسلسل الذي أوردهُ الله في كتابهِ هو نفس تسلسل مراحلِ الخروجِ من الخطيئةِ .والذي وضعهُ الله . أي إن أساس خروجِ بني البشرِ من عبوديةِ إبليس هو أولاََ فداء إبن الله ورمزه هو تابوت العهدِ. ثُمَ بفدائِهِ أعطانا جسدَهُ لناكُلَهُ ودمَهُ لنشربَهُ فنحيَ بهما أي الخبز والخمر الذي على المائدةِ. ثُم تقومُ كنائسُ اللهِ بتوزيع الخبز ورمزُها المنارةُ. وهذهِ هي خطةُ الفداءِ بكاملها.

ثُمَ ثانياََ وصف كيف رُبِطَت السماء بالارضِ أي بكنيسةِ الله على الارض بواسطةِ الفداءِ. ووصف موقِعَ المؤمنين في القدس والهيكلِ.  ثُم ثالثاََ إبتدأ بوصفِ كيف يمكن للبشر الخلاص بمراحلهِ. أي أولاََ بأنهم تحت الدينونةِ والهلاكِ ويُقدمون الذبائح التي ترمزُ الى ذبيحةِ إبن الله وهُم خارجِ السورِ. ثُم رابعاََ بتقديم الذبائح التي ترمُزُ الى فداءِ إبن الله أي مرحلةِ مذبحِ المحرقةِ (النحاسِ). أي مرحلة الناموس ثُمَ خامساََ وصفَ كيفَ يجِبُ على الذين يُريدون الخلاصَ أن يطلبوا الكهنوتَ ويدخِلوا في القدسِ الى مرحلةِ الفداءِ بعد الصليب. ثُمَ سادساََ أن يُقَدموا الايمان والصلاةَ والشكرَ والسجودِ وأن يكونوا هُم ملح الارضِ. ثُمَ سابعاََ أن يعملوا على نظافَةِ اجسادِهِم لأن الخلاص هو للروحِ والجسدِ معاََ أي وجبَ عِمَادهم. فكانت ثالثاََ ورابعاََ وخامساََ وسادساََ وسابعاََ تُمَثلُ كيفية تسلسلِ تنفيذِ الخطةِ على ممرِ الاجيالِ من أجلِ خلاصِ كُلِ البشرِ الذين يُومِنون.

ونأتي الى وصفِ أماكِنِ أغراضِ الخيمةِ ومعنى ذلك أي دلالةِ ذلك على مراحِلِ خطةِ الفداءِ فقد طلب الله وضع التابوت ومذبحِ البخور في قدسِ الاقداسِ. وطلبَ أن تكون المائدة في القدس الى الشمالِ والمنارة الذهبية الى الجنوبِ. وأن يوضع مذبحُ المحرقةِ (النحاسِ) في خارجِ الدارِ أي بين مدخَلِ الخيمةِ ومدخلِ السورِ ووضعِ مغتَسلِ الماء الذي صُنِعَ من النحاسِ بين مذبحِ المحرقةِ وبابِ الخيمةِ المؤديةِ الى القدسِ.

والان ناتي الى الاعمدةِ المختلفةِ التي طلبها الربُ لسور الخيمةِ ومدخلِهَا أولاََ. ثُمَ أعمدة بابِ الخيمةِ ثُم أعمدةِ حجابِ قدسِ الاقداسِ. لنتبينَ مراحلَ الخروجِ الذي أعدهُ اللهُ للبشرِ:

(1) فقد كانت أعمدة السور وأعمدةُ بابِ السور من خشبِ السنطِ أطواقها وعقاقيفُها من فضةِِ وقواعِدها من نحاسِِ. قلنا سابقاََ إن العمود يُمثِل حالِ البشرِ خارجِهِ ما هُم فيهِ وما يستطيعوا الحصولِ عليهِ. فالبشر خارجِ السور جميعاََ تحت نيرِ الخطيئةِ أي تحت الدينونةِ والهلاكِ (قواعدِ النحاسِ). أي إِنَهُم في مرحلةِ السقوطِ وهم ساقطون مائِتون روحاََ وجسداََ. ولكن هُم قادرون على الحصولِ على الفداء إن هُم أرادوا بتقديمِ الذبائح التي ترمُزُ الى فداءِ المسيحِ وأن يُعلنوا توبتَهُم وإيمانَهُم وقبولهم لِفدائِهِ وأن يطلبوا الكهنوت في بيتِ الله الذي أمامهُم (ستارة الكتان الابيض) ومن بين الذبائح التي قٌدمت في هذهِ المرحلةِ ذبيحةُ هابيلِ وذبائحُ نوحِِ وذبيحةُ إبراهيم.

(2) من أراد الخلاص وهو في الخارج ويطلُبَ الفداءَ عليهِ أن يدخُلَ الى داخِلِ البيتِ عن طريقِ بابِ السورِ والستارةِ التي عليهِ. أي أن يطلُبَ الدخول الى فداءِ أبن الله الملكَ الكاهن السماوي. وهذا ممكنُُ لجميعِ البشرِ من أركانِ الارضِ الأربعةِ, ولكن حالَ دخولِهِ الى ساحةِ الدارِ يرى أمامهُ مذبح المحرقةِ, أي إنهُ لا زالَ تحت الدينونةِ وهنا عليهِ العملُ بِناموسِ الوصايا وأحكامُ الشريعةِ كاملةِِ غيرِ منقوصةِِ وإلا وقعَ تحت اللعنةِ ويُرمى في جهنَمِ النارِ التي يُمثِلُها مذبح المحرقةِ, أو عليهِ أن يٌقَدِمَ الذبائحَ التي نصَت عليها أحكامُ الشريعةِ معلناََ ندمَهُ على خطاياهُ مؤمناََ إن هذهِ الذبائح التي يُقدمها إنما ترمُزُ الى ذبيحَةِ إبن الله وفِدائِهِ. وهذه هي مرحلةُ العمل باحكامِ الناموسِ. ومن بين العاملين بأحكام هذهِ المرحلةِِ النبي موسى وهرون. ولكي يُكمل الطريق ويدخُل الى القدسِ عليهِ أن يغسُلَ جسدهُ بالماءِ الذي في المرحضةِ كي لا يموت عند دخولِهِ القُدسَ كما قال الربُ. أي أن يتعمَدَ بالماءِ ونرى ذلكَ جلياََ من:

الاعمال (10 - 3): .... رأى في رؤيا جليةِِ ملاكَ اللهِ داخلاََ عليهِ وقائلاََ لهُ يا كرنيليوسُ (4) فتفرسَ فيهِ وقد داخَلَهُ خوفُُ فقالَ ما الامرُ يا سيدُ فقالَ لهُ إن صلواتِكَ وصدقاتِكَ قد صَعِدَت أمامَ اللهِ تذكاراََ (5) فأرسلِ الانَ ..... واستحضر سمعانَ الملقبَ بطرسَ .... (34) ففتح بطرس فاهُ وقالَ... (38) كيف مسح الله بروحِ القدسِ وبالقوةِ يسوع الناصري الذي إجتازَ يُحسِنُ الى الناسِ ويُبرىءُ كُلَ من قهرهُ إبليس لأن اللهَ كانَ معَهُ (39) ونحنُ شهودُُ بكلِ ما صنعَ في أرضِ اليهودِ وفي أُورشليم. فقتلوهُ معلقينَ إياهُ على خشبةِِ (40) هذا أقامهُ اللهُ في اليومِ الثالثِ وأعطاهُ أن يظهرَ علانيةََ (41) لا للشعبِ كُلِهِ بل لِشهودِِ إصطفاهُم الله من قبلُ أي لنا نحنُ الذينَ أكلنا وشربنا معهُ بعدَ قيامتِهِ من بينِ الامواتِ (42) وقد أوصانا أن نُكرزَ للشعبِ ونشهدَ بأنهُ هو الذي عينهُ الله دياناََ للأحياءِ والامواتِ (43) ولهُ يشهدُ جميعُ الانبياءِ بأن من يؤمنُ بهِ ينالُ مغفرةِ الخطايا بِإسمِهِ (44) وفيما كانَ بطرسُ يخاطبهُم بهذا الكلامِ حَلَ الروحُ القدسُ على جميعِ الذين سمعوا الكلمةِ. .... (47) حينئذِِ أجابَ بُطرسُ العلَ أحداََ يستطيعُ أن يمنعَ الماءَ فلا يعتَمِد هولاءِ الذين نالوا الروحَ القدسِ مثلَنا. (48) فأمرَ أن يعتمِدوا بإسم الرب. ... .

فكما ترون كانَ الماء للعِمادِ بإسم الرب يسوع المسيحِ. أي إن الذي حل عليهِ الروح القدس تَطَهَرَ روحياَ, وعليهِ أن يتطَهَرَ جسدياََ ويعتمِد بإسم إبن الله يسوع المسيحِ.

وفي: أفسس (5 - 25): ...... كما أحبَ المسيحُ الكنيسةَ وبذلَ نفسَهُ لأجلها (26) ليُقَدِسَها مُطَهِراََ إياها بغَسلِ الماءِ وكلِمةِ الحياةِ.

أي: أن تولَدوا ثانيةََ من الماءِ والروح القدسِ. وهذا هو ما قالهُ المسيح لنيقودِمُسُ

في يوحنا ( 3 - 5 ): ".. الحقَ الحقَ أقولُ لكَ إن لم يولَد أحَدُُ من الماءِ والروحِ فلا يقدرُ أن يدخُلَ ملكوتَ السماءِ" (6) إن المولود من الجسدِ إنما هو جسدُُ والمولودِ من الروحِ إنما هو روحُُ.

أي إن الماء الذي في المرحضةِ يرمزُ الى عبورِ نهر الاردن الذي عبرهُ الاسرائليون قبلَ دخول ارض الميعاد , وكما قلنا سابقاََ فإن نهر الاردن ذاتهُ رمزَ الى نهر ماءِ الحياةِ في أُورشليم السماويةِ والذي ينبعُ من عرشِ الله والحملِ. وكل نفسِ تزحفُ الى النهرِ تشفى وتحيا بالعمادِ فيهِ.

ولقد كان إرتفاع اعمدة السور ومدخلهُ خمسة أذرع وهو نصف إرتفاع أعمدة مداخل القدس وقدس الاقداس والواحهِما أي إن من كان في الخارج وطلب الخلاص من الله وتَطَلَعَ الى الدخول الى بيتِهِ, أي أراد أن يصبح فرداََ من أفراد بيتهِ ومن جُملةِ شعبهِ المختار الحقيقي عليهِ الدخول من باب السور (اي الى مرحلةِ العمل بالناموس) ويكون بهذا قد وصل الى منتصف طريق الخلاص فقط, وإن كان يريدُ الخلاص فعلاََ فعليهِ أن يُتِمَ الطريق الى الاخير أي أن يغسُل جسدهُ بماء المرحضة أي أن يَتَعَمَد ثُمَ يدخل الى القدس أي أن يصبح فرداََ من أفراد كنائس الله السبعة مُعلِناََ قبولَهُ لِفِداءِ ابن الله يسوع المسيح ساجداََ في هيكلِهِ شاكراََ لهُ نعمتَهُ.

(3) والان نصلُ الى بابِ الخيمةِ أي بابِ القُدسِ والاعمدة هنا من خشبِ السنطِ مغشيةُُ بالذهبِ وقواعدها من نحاسِِ وعقاقيفها من ذهبِِ. وهذا معناهُ إن الذي في الخارجِ هو تحت الدينونةِ والهلاكِ (قاعدة النحاسِ) ولكنهُ يستطيعُ الحصول على الخلاصِ من مصيرهِ بطلبِ الفداءِ الذي تُمَثِلَهُ الستارةِ, أي ان يطلُب فداءِ إبن الله لهُ ويدخل من خلالِ الستارةِ الى الداخلِ أي الى القدسِ بعدَ أن يكونَ قد غَسِلَ جسدهُ أي إعتمَدَ بِإسمِ الرب يسوع المسيح. وهنا يرى أمامهُ ما يجِبُ عليهِ فعلهُ, أي يرى أمامهُ مائدةِ التقدمةِ فعليهِ الاكلِ من خُبزِهَا والشُربِ من خمرها, وأيضاََ أمامهُ المنارةِ الذهبيةِ فعليهِ أن يكون مؤمناََ فيها, وأيضاََ أمامهُ مذبح البخور العطر اي عليهِ أن يُعلِن إيمانهِ وأن يُقَدِمَ الصلاةَ والشكرَ والسجود للهِ الذي أنقَذَهُ وخلصَهُ, فتُرفَعُ صلاتهُ بخوراََ عطِراََ الى هيكَلِ الخالقِ. وهذهِ المرحلة تُمثِلُ مرحلةُ الفداء والطريق السهلةِ الجديدةِ التي أُعطيت للخلاصِ. ويُمكِنُ للبشرِ كافةِِ من أركان الأرضِ الاربعةِ الدخولِ إن هُم آمنوا وطلبوا الخلاصَ.

(4) والان نصلُ الى مدخلِ قدسِ الاقداسِ والحجابُ الذي عليهِ. والاعمدةُ هنا من خشبِ السنطِ مغشيةُُ بالذهبِ وقواعدها من فضةِِ وعقاقيفُها من ذهبِِ . أي إن الذي في القدسِ هو مفدي بدم الفادي المسيحِ إبن الله ويسمحُ لهُ الدخول الى قدسِ الاقداس حيثُ الحياةِ الابديةِ بحضرةِ الخالقِ. وهنا يَصِلُ المؤمنونَ الى الجنةِ التي طُرِدوا منها بعد أن يكونَ الفادي قد أَوفى بكافَةِ مستَلزَماتِ العدلِ الالهي عوضاََ عنهُم على الصليبِ فينالوا المشاركةِ بحياتهِ الابديةِ ويَخلصوا.

والان نسأل: لماذا وضعَ الحجابُ تحت الاشظةِ ؟؟ فما دور الاشظةِ هنا ؟؟

كما رأينا إن الاشظةَ الذهبية قد ربطت السماء بالارض أي العرش السماوي بكنيسةِ الله على الارضِ, وطبعاََ هذا الربط موقت لأن البشرية على الارض سوف تنتهي حال إنتهاءِ الزمانِ وقيامِ الدينونةِ. لذا وصلت الشقق كل خمس مع بعضها البعضِ وصلاََ تاماََ بينما وصِلَت القطعتينِ الناتجتينِ بالعري الاسمنجونية والاشظةِ الذهبيةِ وصلاََ موقتاََ.

ونرى من وصفِ العرش السماوي وأُورشليم السماوية عدم وجود القدسِ ولا الحجابِ لانَ دورهما قد إنتهى. كما في

الرؤيا (7 - 9): وبعد ذلك رأيتُ فإذا بجمعِِ كثيرِِ لا يستطيعُ أحدُُ أن يُحصيهِ من كُلِ أُمةِِ وقبيلةِِ وشعبِِ ولسانِِ واقفون أمامَ العرشِ وأمام الحملِ لابسين حُللاََ بيضاََ وبأيديهم سعفُ نخلِِ (10) وهُم يصرخونَ بصوتِِ عظيمِِ قائلينَ الخلاصُ لإلهنا الجالسِ على العرشِ وللحملِ (11) وكان جميعُ الملائكةِ وقوفاََ حولَ العرشِ وحولَ الشيوخِ والحيواناتِ الاربعةِ فخروا على وجوههم أمامَ العرشِ وسجدوا للهِ.

وفي: الرؤيا (21 - 6): فقال لى قد إنقضى أنا الالفُ والياءُ البداءةُ والنهايةُ أنا أُعطي العطشانَ من ينبوعِ ماءِ الحياةِ مجاناََ
(7) من غلِبَ يرِثُ هذهِوأنا أكونُ لهُ إلهاََ وهو يكونُ لى إبناََ (8) ......... (10) وذهبَ بى في الروحِ الى جَبَلِِ عظيمِِ عالِِ وأراني المدينةَ المقدسةَ أُورشليم نازلةََ من السماءِ من عندِ اللهِ (11) ولها مجدُ اللهِ ونيرُهَا يشبهُ أكرمَ حجرِِ يُشبِِ صافِِ كالبلورِ
(12) ولها سورُُ عالِِ وإثناعشرَ باباََ وعلى الابوابِ إثناعشرَ ملاكاََ وعليها أسماءُُ مكتوبةُُ وهي أسباطُ إسرائيل الإثناعشرَ
(13) ...... (14) ولسورِ المدينةِ إثناعشر أساساََ فيها أسماءُ رُسلِ الحملِ الاثني عشرَ (15)...(16) والمدينةُ مربعةُُ وطولها قدرُ عرضها. فقاس المدينةَ..... وطولُهَا وعرضها وسُمكها سواءُُ. (17) ..... (18) وبناءُ سورها من حجرِ اليُشبِ والمدينةُ من ذهبِِ نقيِِ يشبهُ الزجاجَ الصافي (19) وأُسس سورِ المدينةِ مزينةُُ بكلِ حجرِِ ثمين. فالاساس الاول يشبُُ والثاني لازوردُُ (ياقوت أزرق) والثالثُ عقيقُُ يمانِِ (أبيضُُ) والرابعُ زمردُُ ذُبابيُُ (20) والخامسُ ماسُُ (جزعُُ عقيقي) والسادسُ ياقوتُُ (عقيقُُ) أحمرُُ والسابعُ زبرجد (حجرُ ذهبِِ) والثامنُ زمردُُ سلقي (جزعُُ) والتاسعُ ياقوتُُ أصفرُُ والعاشرُ عقيقُُ أخضرُُ والحادي عشرَ إسمنجونيُُ والثاني عشرَ جمشتُُ. (21) والابوابُ الاثناعشرَ إثناعشرةَ لؤلؤةََ كلُ واحدِِ من الابوابِ لؤلؤةُُ .... (22) ولم أرَ فيها هيكلاََ لأن الربَ الالهَ القديرَ والحملَ هما هيكلُها (23) ولا حاجةََ للمدينةِ الى الشمسِ ولا الى القمرِ ليُضيئا فيها لأن مجدُ اللهِ أنارها ومصباحها الحملُ.

الرؤيا (22 - 1): وأراني نهرُماءِ الحياةِ صافياََ كالبلورِ خارجاََ من عرشِ الله والحملِ. (2) في وسطِ ساحتها وعلى جانبي النهرِ شجرةُ الحياةِ تُثمِرُ إثنتي عشرةَ ثمرةََ وتؤتي في كلِ شهرِِ ثمرَها وورقُ الشجرةِ لشفاءِ الاممِ (3) ولا يكون لعنُُ بعدُ وسيكون فيها عرشُ اللهِ والحملِ فيعبُدُهُ عبادَهُ (4) وينظرونَ وجهَهُ ويكونُ إسمَهُ على جباهِهِم.

فهل تصورتُم هذا؟ كيفَ تكون شجرةُُ واحدةُُ على جانبي نهرِ ماءِ الحياةِ وفي وسطِ ساحةِ المدينَةِ؟؟

فالنهرُ ينبعُ من عرشِ اللهِ والحملِ أي من جنبِ السيد المسيح, ونهرُ ماءِ الحياةِ هو الذي يسقي الشجرةَ حتى تُؤتي بثِمارِ الحياةِ والاوراقِ لشفاءِ الاممِ. أي إن الشجرةَ في وسطِ ساحةِ المدينةِ والنهرُ يمُرُ في وسطِ الشجرةِ. أي إن النهرَ يسقي الشجرةَ لتُعطي ثمارَ الحياةِ. أي إن دمَ المسيح المراقُ هو العِلاجُ لشِفاءِ الاُمَمِ وخَلاصَها.

وكما رأينا ليس هناك قدسُُ في المدينةِ فهي كلها قُدس أقداسِِ لأن اللهَ ساكِنُُ فيها مع عبادهِ وفيها عَرشُ اللهِ ومنهُ يَنبُعُ نهرُ ماءِ الحياةِ. وتحرِسُ الملائكَةُ أبوابها. ولهذا وقفَ يسوعُ المسيحِ وصاحَ قائلاّّ إن عطِشَ أحدُُ فلياتِ الي ويشرب. من آمن بي فكما قالَ الكِتابُ ستجري من جوفِهِ أنهارُ ماءِِ حيِِ. [يوحنا (7 - 37/38)].

وها هنا يعودُ بني البشر ثانيةََ الى حضرةِ الخالقِ وفي نعيم الجنةِ في أُورشليم السماويةِ. ويكمُلَ الخروجُ من الخطيئةِ وعبوديةِ إبليس الى ابد الابدين. وهُم يكونون شعب الله المختار الحقيقي (وليس الرمز) وينعموا برضاه ويسكنوا معه الى الابد.

ولتكن معكم جميعاََ نعمة ربنا يسوع المسيح  
ومحبةُ الله, وشركةُ الروح القدس
الى أبد الابدين
آمين

عبد الاحد داؤد

06 / 07 / 1994 



"إرجع إلى ألبداية"